عبدالله عبدالسلام
أخطر ما يجمع بين أمريكا وإسرائيل حالياً، أنهما قررتا التخلي عن كل القيم والمواثيق والقوانين.. التي تحكم العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، واللعب بشروطهما.. هما.
احترام كل منهما للقواعد الدولية، مرتبط بمدى تحقيق مصالحهما، وإلا فإن تلك القواعد لا أهمية لها.
نائب ترامب زار جزيرة جرينلاند الدنماركية – التي ترغب واشنطن في ضمها – وشن هجوماً لاذعاً ضد الدنمارك.. قائلاً: «إنها لا تستثمر بما يكفي في الجزيرة، ولا في بنيتها التحتية. هذا يجب أن يتغير. أمريكا ستغير ذلك». ما علاقة أمريكا باهتمام – أو عدم اهتمام – دولة أخرى بجزء من أراضيها؟ إنه فقط مبرر للتمهيد لسيطرتها على الجزيرة.
ترامب نفسه.. يختلق المبررات لتحقيق أهدافه. «الصين تسيطر على قناة بنما، ولذلك سنستعيد القناة من حكومتها».
الصحافة الأمريكية نفت وجود نفوذ صيني، لكن ترامب ليس في وارد التراجع.
عندما اقترح تحويل غزة إلى «ريفييرا الشرق الأوسط» وترحيل أبنائها، كان مبرره.. أن يعيش الفلسطينيون في أماكن أفضل.. خارج بلدهم، دون أن يسأل نفسه: ولماذا لا يساعدهم في حياة أفضل في غزة نفسها؟ إذا كان حريصاً عليهم؟
إنه المنطق الخاص الذي قرر أن يفرضه على العالم.
يحدث ذلك في علاقاته مع أوروبا وآسيا وأمريكا الجنوبية وكندا. المصالح فوق المبادئ والمواثيق.
أما إسرائيل، فإنها قررت – بعد هجمات حماس أكتوبر 2023 – أن الأساليب الوحشية.. هي طريقتها في التعامل؛ ليس مع الفلسطينيين فقط، بل كل المنطقة.
في غزة، لم تكتفِ بقتل أكثر من 50 ألفاً، وتدمير القطاع بالكامل، لكنها تمنع المساعدات، وتقطع الخدمات الأساسية.
خطة التهجير المشينة.. تكتسب قوة دفع كبيرة بتشجيع من ترامب.
أنشأت إسرائيل هيئة.. لما أسمته «الترحيل الطوعي للفلسطينيين».
تقوم أيضاً بضم فعلي للضفة الغربية وتوسيع المستوطنات.
ليس هذا فقط؛ بل تبنت استراتيجية إقامة مناطق عازلة.. في سوريا ولبنان، لضرب أي تهديدات متخيلة لأمنها. ضرباتها على سوريا – التي لا تملك حولاً ولا قوة – لا تتوقف.
كما أنها عادت لضرب الضاحية الجنوبية في بيروت بزعم انطلاق صواريخ من لبنان.
التهور الأمريكي الإسرائيلي الأكبر، سيكون توجيه ضربة استباقية لإيران.. لمنعها من امتلاك سلاح نووي. رسالة ترامب الأخيرة للمرشد الإيراني علي خامنئي – التي حملت تهديداً مباشراً.. بضرب المنشآت النووية، إذا لم يتم التوصل لاتفاق مع أمريكا – جزء من استراتيجية مشتركة، لإنهاء «التهديد الإيراني» إلى الأبد.
إسرائيل لن تجد فرصة أخرى، لتصفية حساباتها مع طهران.. إذا انقضت فترة ترامب دون عمل شيء.
ما يجمع إسرائيل وأمريكا حالياً، ليس القضايا الخارجية فقط، بل الداخلية أيضاً.
ترامب ونتنياهو.. يتبعان أساليب عدوانية ضد المؤسسات الديمقراطية؛ الرئيس الأمريكي يهاجم القضاة، ويعتدي على صلاحيات الكونجرس. ونتنياهو أقال رئيس الشاباك (المخابرات الداخلية)، والنائبة العامة، لأنهما يحققان مع مساعديه.. بشأن مزاعم فساد.
إذا نظرنا إلى خريطة العالم حالياً، لن نجد توافقاً على هذا المستوى.. إلا بين أمريكا وإسرائيل. حتى الدول الحليفة لواشنطن، تعاني من تهجمات ترامب وعقوباته.
وحدها إسرائيل.. بمنأى عن الغضب والجنون الترامبي. إنها تحالف الخارجين على القانون.
نقلاً عن «المصري اليوم»