في صدمة جديدة للأسواق العالمية، أطاح إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن فرض تعريفات جمركية جديدة بأسواق المال العالمية، متسبباً في هبوط جماعي لمؤشرات وول ستريت، وتبخر عشرات المليارات من ثروات كبار رجال الأعمال خلال يومين فقط، وسط توقعات بمزيد من الاضطرابات الجيوسياسية والاقتصادية في الفترة المقبلة.
فقد أعلن ترامب يوم الأربعاء عن فرض تعريفة أساسية بنسبة 10% على جميع الواردات إلى الولايات المتحدة بدءًا من 5 أبريل، إلى جانب تعريفات “فردية” تصل إلى 50% على بعض الدول، من بينها الصين وتايوان والهند، في خطوة وصفها محللون بأنها عودة لسياسات الحمائية التجارية، ومؤشر على مرحلة جديدة من التصعيد في العلاقات الاقتصادية الدولية.
خسائر قياسية في ثروات كبار المليارديرات
الانعكاس المباشر للإعلان كان حاداً، حيث شهدت البورصات الأميركية تراجعات كبيرة، فقد هبطت مؤشرات داو جونز وستاندرد آند بورز 500 وناسداك بأكثر من 5% خلال يومي الخميس والجمعة. ووفقًا لمؤشر بلومبرغ للمليارديرات، تكبد أغنى 500 شخص في العالم أكبر خسارة يومية منذ تدشين المؤشر.
إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لتسلا، كان الأكثر تضرراً، حيث خسر نحو 30.9 مليار دولار من ثروته في يومين فقط، لتتراجع إلى 302 مليار دولار، رغم أنه لا يزال الأغنى عالميًا. تبعه جيف بيزوس بخسارة قدرها 23.49 مليار دولار، ثم مارك زوكربيرغ بـ27.34 مليار دولار.
ويعتمد الجزء الأكبر من ثروات الثلاثي على القيمة السوقية لشركاتهم (تسلا، أمازون، ميتا)، ما يجعلهم عرضة لتقلبات الأسواق. وقد جاءت هذه الخسائر في وقت أعلنت فيه تسلا عن تراجع في مبيعاتها الفصلية بنسبة 13%، لتسجل أسوأ نتائج منذ 2022.
رسوم جديدة على الصين والهند وتايوان
تضمّن القرار الأميركي فرض رسوم بنسبة 54% على السلع الصينية، و32% على تايوان، و26% على الهند، مما زاد الضغط على قطاع التكنولوجيا الذي يعتمد على واردات من هذه الدول، خصوصاً الرقائق والمكونات الإلكترونية.
وقال ترامب إنه منفتح على التفاوض مع الدول المتضررة، إلا أن مساعديه شددوا على أن القرار نهائي في هذه المرحلة.
أوروبا ترد.. وأرنو يخسر 6 مليارات دولار
الاتحاد الأوروبي لم يتأخر في الرد، وأعلن نيته فرض تعريفة موحدة بنسبة 20% على جميع المنتجات المتجهة إلى الولايات المتحدة، الأمر الذي قد يضر بقطاعات مثل الكحوليات والسلع الفاخرة.
وانعكس ذلك على أسهم شركة LVMH المالكة للعلامات التجارية مثل ديور وبولغاري، والتي تراجعت في بورصة باريس، مما أدى إلى انخفاض صافي ثروة الملياردير الفرنسي برنار أرنو بنحو 6 مليارات دولار، وفق بيانات بلومبرغ.
بعض الناجين.. وعودة سريعة للخسائر
ورغم هذه الخسائر، تمكن بعض المليارديرات من تسجيل أرباح مؤقتة، مثل دان غيلبرت، مؤسس شركة “روكيت” للرهن العقاري، الذي ربح 1.91 مليار دولار يوم الجمعة.
في المقابل، سجل المكسيكي كارلوس سليم ارتفاعاً مؤقتاً في ثروته بـ2.9 مليار دولار يوم الخميس، قبل أن يخسر 5.48 مليار دولار في اليوم التالي، بحسب بيانات المؤشر.
سليم، الذي يُصنف الآن بثروة تقدر بـ80 مليار دولار، يرى أن الرسوم الجمركية الأميركية تكتيك تفاوضي مؤقت، ولن تدوم طويلاً، وهو ما أكده في مقابلة مع بلومبرغ.
