عبدالقادر شهيب
بدلاً من الانتقال إلى المرحلة الثانية.. لاتفاق غزة، خرج نتنياهو بملعوب جديد.. اسمه تمديد المرحلة الأولى، للاتفاق الذي انتهي يوم السبت (الماضي) الأول من شهر مارس. وتقضي بنود الاتفاق، ببدء مباحثات المرحلة الثانية للاتفاق يوم الثالث من شهر فبراير – خلال فترة المرحلة الأولى – وهذا الملعوب.. يقضي باستمرار وقف إطلاق النار، مع استمرار تبادل الإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين والأسرى الفلسطينيين.
وبذلك تتأجل المرحلة الثانية من الاتفاق، وبالتالي يتفادى نتنياهو.. اتخاذ وزراء اليمين الديني قراراً بالانسحاب من حكومته، وبذلك تنجو من الانهيار والسقوط. وفي ذات الوقت، يتمكن من الإفراج عن مزيد من المحتجزين الإسرائيليين.. ليخفف من ضغوط أهاليهم ومؤيديهم، الذي يتزايد عليه. كما يتفادى نتنياهو أيضاً، تنفيذ التزامات المرحلة الثانية، التي تقضي بتثبيت وقف إطلاق النار.. ليصير وقفاً دائماً، وانسحاب القوات الإسرائيلية من كل أراضي القطاع، لتبدأ عملية إعادة إعمار القطاع بعدها. ويتفادى – أيضاً – أي تحرك فيما بعد.. لإقامةَ الدولة الفلسطينية.
غير أن هذا الملعوب.. أفسدته مصر، بإصرارها على تنفيذ الاتفاق بمراحله الثلاثة. ولذلك حينما تدخلت مصر.. لإنهاء أزمة الإفراج عن نحو 620 أسيراً فلسطينياً – أجَّل نتنياهو الإفراج عنهم، بدعوى إهانة المحتجزين الإسرائيليين.. خلال مراسم الإفراج عنهم – اهتمت مصر بتأكيد أن تسليم حماس أربع جثث لمحتجزين إسرائيليين، يأتي في إطار المرحلة الأولى من اتفاق غزة. وساعد على ذلك أن حماس طرحت التوصل إلى صفقة كاملة؛ تقضي بالإفراج عن كل المحتجزين الإسرائيليين في القطاع.. دفعة واحدة، مقابل الانسحاب الكامل لقوات الاحتلال.. من أراضيه، والوقف الدائم لإطلاق النار؛ وهو العرض الذي لم ترد عليه إسرائيل واكتفت فقط بالتمسك بفكرة تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق، ولو لمدة شهر رمضان.. حتى لا يتم استئناف الحرب فيه!
ولذلك، بعد أن كانت واشنطن مستعدة لقبول فكرة تمديد المرحلة الأولى للاتفاق – التي رفضتها مصر وقطر، ومعهما حركة حماس – فإنها الإدارة الأمريكية عدلت عن ذلك، وتحركت من أجل حث إسرائيل على بدء مباحثات المرحلة الثانية من الاتفاق. فقد أعلن ويتكوف – المبعوث الشخصي لترامب إلى الشرق الأوسط – أن إسرائيل سوف ترسل وفداً للقاهرة أو الدوحة.. لبدء هذه المباحثات، التي تأخرت قرابة الشهر. وأنه مستعد للانضمام لهذه المباحثات خلال أيام.. عندما يستدعي الأمر ذلك.
وهكذا أخفق ملعوب نتنياهو الجديد.. بسبب اليقظة المصرية، ورفض حماس تمديد المرحلة الأولى للاتفاق، الذي كان يستهدف الإفراج عن مزيد من المحتجزين الإسرائيليين في غزة.. دون الانسحاب من أراضيها، ودون التعهد بعدم استئناف الحرب مجدداً.. في قادم الأيام. وهو ما يعد به نتنياهو يومياً الآن بشكل سافر.
غير أن ذلك لا يعني أنه.. تمت إزالة كل العقبات أمام تنفيذ الاتفاق بكل مراحله، نظراً لأن إسرائيل ما زالت لا تقبل بوقف دائم لإطلاق النار، وترفض أي تواجد لحماس بمستقبل غزة، وتصر على تهجير أهل غزة خارجها. وبالتالي، فإن مباحثات المرحلة الثانية للاتفاق.. عندما تبدأ، ستكون شاقة وصعبة. وقد شاهدنا كيف بلغت صعوبة مشاورات المرحلة الأولى منها، رغم أنها كانت تقضي فقط بانسحابات إسرائيلية محدودة.. من بعض المواقع في القطاع، وكيف كانت صعوبة تنفيذ تفاهماتها – بعد التوصل إليها – وكيف أيضاً لم تنفذ إسرائيل كل بنودها، خاصة بنود البروتوكول الإنساني.. الخاص بالمساعدات المقدمة لأهالى القطاع!
أي أنه.. إذا كان آخر ملعوب لنتنياهو قد أخفق، فإنه يحتفظ في يديه بأكثر من ملعوب، سوف يسعى لمفاجأة الوسطاء به في قادم الأيام؛ لأنه لا يريد الانسحاب من قطاع غزة، ولا يريد أن تديره حماس، أو السلطة الفلسطينية، أو حتى مصر.. كما اقترح زعيم المعارضة الإسرائيلية، ولا كذلك تسليمه لأمريكا، لتحوله إلى ريفيرا جديدة.. كما طالب ترامب، وإنما هو – واليمين الإسرائيلي كله – يريد السيطرة على القطاع، وضمه – مع الضفة الغربية – إلى إسرائيل، ويرى أن الفرصة مواتية الآن لتحقيق ذلك.
من هنا، تكتسب القمة العربية – التي تحتضنها مصر غدا – أهمية كبيرة، لاتخاذ موقف عربي حازم.. تجاه المخططات الإسرائيلية لتصفية القضية الفلسطينية .
… فهذا الموقف العربي الحازم، هو الذي سيحث أمريكا على ممارسة الضغط على نتنياهو.. لتنفيذ اتفاق غزة بالكامل.
نقلاً عن «أخبار اليوم»