أمينة خيري..
ونحن مقبلون على شهر رمضان الكريم الجميل الفضيل، جميعنا يستعد.. بطريقة أو بأخرى. البعض ينظم أوقات الصلاة، والعمل، والتزاور. والبعض يكتب قوائم المؤجلات: صلة الرحم، قراءة القرآن، صلاة التراويح… إلخ. وهناك من يسن جداول.. لمشاهدة المسلسلات، أو يبحث عن بدائل لما بات شراؤه متعذراً.. بسبب الغلاء وسعر الدولار، وهلمَّ جرا.
ورغم أننا تعلمنا أن رمضان.. شهر الصيام، لكن قالوا لنا في المدرسة زمان – ومن علماء الدين أيضاً – وقت كان هناك فصل إلى حد ما.. بين تخصصات الدين والطب والهندسة، والفن والبنوك، والترفيه والإعلام.. أن الصوم لا يعني التوقف عن العمل، وأن على من لا يقدر على الصيام – لأسباب صحية – أن يلجأ للطبيب المختص.. لا رجل الدين المختص؛ حيث صحة الإنسان البدنية يحددها الطبيب، ثم يأتي دور الروحانيات.. لتعضيد الصحة النفسية، التي تؤثر إيجاباً على البدنية.
وبعيداً عن مبدأ.. «بعد رمضان إن شاء الله» – الذي تجذر في المجتمع – تنادي صفحات على «فيسبوك».. يُفترض أنها مخصصة لمناقشة قضايا التعليم والثانوية العامة… إلخ، بمطالبات بأن يكون شهر رمضان إجازة للمدارس!! الموافقون على الفكرة – ويبدو أنهم يشكلون أغلبية في هذه الصفحات – يشرحون الأسباب؛ بين «دي دولة إسلامية، ويجب أن نراعي ديننا»، و«حتى نتفرغ للصلاة».. وغيرها. وبعيداً عن كيفية إدارة صفحات «السوشيال ميديا»، وبعضها قائم على شخص أو شخصين.. يخلقان حالة افتراضية من الرأي العام، تقنع البعض – كذباً وزوراً وبهتاناً – بأنه توجه عام، فإن هناك قناعة شعبية ما.. بأن الأعمال، والمعاملات الحكومية والخاصة، والإجراءات والخطوات، والإصلاحات والقرارات.. «بعد رمضان إن شاء الله».
المؤكد، أن إيقاع العمل يختلف.. في رمضان، لكن أن يتوقف تماماً، أو تقرر قاعدة عريضة.. أن الصلاة والعبادة وقراءة القرآن الكريم.. تتعارض مع العمل، فهذا أمر عجيب حقاً.
لا، ليس عجيباً، بل مريباً وغير مقبول.. حين يأتي من الشعب نفسه.. الذي حارب وانتصر في رمضان.
ليس المطلوب أن نحارب في رمضان، كل ما نبتغيه.. هو ألا نتحجج برمضان، لنبرر الكسل والإهمال والتهاون، لا سيما – بدون زعل – أن إيقاع العمل في غير رمضان.. ليس سريعاً ومكثفاً، ومركباً لدرجة الروعة.
وما دمنا نتحدث عن رمضان، أدعو الله سبحانه وتعالى.. أن يُلهم علماء الدين، والقائمين على أمر المؤسسات الدينية الرسمية.. أن ينظروا في الأسئلة العجيبة، التي لا تليق بشخص بالغ عاقل.. في العقد الثالث من الألفية الثالثة. وكون هذه الأسئلة تُسأل فعلاً، لا يبرر أبداً أن يتم إفساح البرامج والأثير لها. حين يسأل نفس الشخص كل عام.. عن حكم من أقام علاقة حميمة مع زوجته في نهار رمضان.. وهو صائم، وتستفيض الإجابة في التفاصيل. فإن هذا يعني الكثير؛ وأبرزه.. أننا محبوسون في العصور الفكرية الوسطى، ونرفض تماماً أن نعي أننا في مصيبة. حتى أولئك الذين صدّروا لنا هذا الفكر، نبذوه.. ويركضون نحو المستقبل.
… وسيظل رمضان كريماً.
نقلاً عن «المصري اليوم»
بعد رمضان إن شاء الله

شارك هذه المقالة