في كشف هو الأول من نوعه، عرض رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت خريطة اقترحها عام 2008 على رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، تتضمن رؤيته لحل الدولتين، حيث تمنح الفلسطينيين 95.1% من الضفة الغربية وقطاع غزة، مع تبادل للأراضي داخل إسرائيل.
ورغم أن تفاصيل العرض كانت معروفة منذ سنوات، إلا أن الخريطة ذاتها لم تُنشر علنًا من قبل، إذ كانت التسريبات السابقة تستند إلى رسم يدوي أعاده عباس بعد الاجتماع. وفي فيلم وثائقي جديد يحمل عنوان “إسرائيل والفلسطينيون: الطريق إلى السابع من أكتوبر”، والذي تبثه بي بي سي اليوم، قال أولمرت: “هذه هي المرة الأولى التي أعرض فيها هذه الخريطة على وسائل الإعلام.”
وخلال اجتماعه بعباس عام 2008، حثه أولمرت على الموافقة الفورية على المقترح، مؤكدًا أنه لن يجد عرضًا مشابهًا في المستقبل. ونقلت صحيفة “ذي تايمز أوف إسرائيل” عن أولمرت قوله لعباس: “لن تجد خلال الخمسين عامًا القادمة زعيمًا إسرائيليًا يقترح عليك ما أعرضه الآن. وقّع عليه ولنغيّر التاريخ!”
تفاصيل العرض الإسرائيلي ورؤية أولمرت للحدود
في سبتمبر 2008، قدم أولمرت لعباس خريطة رسمية توضح رؤيته للحدود النهائية للدولة الفلسطينية، طالبًا منه التوقيع بالأحرف الأولى على المقترح قبل عرضه على القيادة الفلسطينية في رام الله. غير أن عباس رفض العرض، ليظل المقترح غير منفذ حتى اليوم.
وتُظهر الخريطة استعداد أولمرت للعودة جزئيًا إلى حدود ما قبل 1967، مع احتفاظ إسرائيل ببعض الكتل الاستيطانية الكبرى، من بينها: كتلة غوش عتصيون جنوب القدس، ومستوطنة معاليه أدوميم شرق المدينة، ومستوطنة أرييل شمال الضفة الغربية، مقابل منح الفلسطينيين أراضي بديلة داخل إسرائيل.
كما شمل العرض إنشاء نفق يربط بين الضفة الغربية وقطاع غزة، لضمان التواصل الجغرافي للدولة الفلسطينية المستقبلية.
تقسيم القدس ووضع الحرم القدسي
لم يقتصر العرض الإسرائيلي على ترسيم الحدود، بل امتد ليشمل تقسيم القدس، حيث اقترح أولمرت أن تخضع بعض أحيائها للسيادة الفلسطينية، بينما تبقى أخرى تحت السيطرة الإسرائيلية. كما أبدى استعداده للتخلي عن السيادة الإسرائيلية على الحرم القدسي والبلدة القديمة بالكامل، مقترحًا أن تخضع المنطقة لـإشراف دولي مشترك يضم إسرائيل، السلطة الفلسطينية، الأردن، الولايات المتحدة، والسعودية.
لماذا رفض الفلسطينيون العرض؟
رغم أن مقترح أولمرت تضمن تنازلات غير مسبوقة من الجانب الإسرائيلي، إلا أنه قوبل برفض فلسطيني. ووفقًا لما كشفه رفيق الحسيني، رئيس ديوان الرئاسة الفلسطينية آنذاك، فإن عباس لم يأخذ العرض على محمل الجد، نظرًا لأن أولمرت كان يواجه قضايا فساد وكان على وشك الاستقالة، وهو ما جعل القيادة الفلسطينية ترى أن الاتفاق لن يكون ملزمًا أو قابلًا للتنفيذ.
وفي الفيلم الوثائقي، قال الحسيني: “من المؤسف أن أولمرت، مهما كان لطيفًا.. كان بطة عرجاء، ولذلك لم يكن هناك أي فرصة لتحقيق تقدم.” وبذلك، بقيت الخطة طي النسيان، ولم تشهد المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية أي اختراق مشابه منذ ذلك الحين.