أمينة خيري
متلازمة.. إما الأبيض أو الأسود، وثالثهما – حتماً – الشيطان.. مميتة. إما الأهلي أو الزمالك!!
لو سألت رجل الدين.. عن المغزى من هذا التفسير، أو المعنى.. في تلك الآية، فأنت – دون شك – كافر وزنديق. إن رأيت في النقاب تطرفاً وتزمتاً ورجعية، فأنت حتماً تريد للنساء.. أن يسرن عرايا في الشوارع. والقائمة لا تنتهي.. في السياسة، والاقتصاد، والدين، والرياضة.. وغيرها.
والوضع في سوريا، والمناقشات الدائرة حوله.. تقول الكثير عن هذه المتلازمة المميتة. وجهة نظر، أو موقف.. ساد عقب سقوط نظام الأسد، ونجاح الفصائل المسلحة – وتحديداً «هيئة تحرير الشام» – في إنجاز العملية في أيام معدودة. وبعيداً عن تبني كثيرين – لا سيما بين السوريين – مبدأ «فلنفرح الآن بسقوط النظام، ونتعامل غداً مع التحديات». وبعيداً أيضاً.. عمن يعتقدون أن «هيئة تحرير الشام»، ستسمح بالتعددية، وتحترم سوريا المدنية، وتقود سوريا نحو المستقبل المشرق المفرح المبهر، فإن أكثر ما يلفت الانتباه – في المناقشات والمطاحنات والمشاجرات – حول سوريا هو: متلازمة.. إما الطغيان هذا، أو الاستبداد ذاك.
إن تساءلت.. متشككاً فيما ستؤول إليه الأوضاع – في ظل حكم ديني في دولة ما – تباغتك الإجابة الاستنكارية: يعني نرضى بالديكتاتورية؟ ونسكت على الظلم والطغيان؟!.
وإن عبرت عن تخوف.. نابع من كتب التاريخ، ومعتمد على ما جرى في هذه الدولة، أو ما ألمّ بهذا البلد أمس وأول من أمس.. نتيجة حكم الجماعات الدينية، يهرع مثقفون وثوريون واشتراكيون وتقدميون وتحرريون وعلمانيون.. بالتأكيد على أن هذا التخوف يعكس انبطاحاً وهواناً، وتفضيلاً للارتماء في أحضان الديكتاتورية والشمولية… إلخ.
وإن سألت عن سيناريوهات اليوم التالي، تواجَه باتهامات لك.. بأنك لا تريد الخير لهذا الشعب، أو أنك تقف على جبهة الأعداء والخصوم والمناوئين.
السؤال عن مستقبل سوريا – أو أي بلد آخر – في ضوء تغيرات كبرى وتقلبات عظمى، لا يعني رفضاً للتغيير. جزء منه، يعكس رغبة في تحليل المشهد.. بناء على معطيات، لا أحلام وأوهام. وجزء آخر، ربما مرده التحذير، بناء على أسباب منطقية لا عاطفية.
على سبيل المثال لا الحصر، حين نسأل عن احتمالات المواجهة، والمنافسة بين قائد الإدارة السورية الجديدة – زعيم «جبهة النصرة» سابقاً «هيئة تحرير الشام» حالياً – أحمد الشرع حالياً – الجولاني سابقاً – وبين أحمد العودة.. الذي تقلب هو الآخر، من كونه رجل روسيا في سوريا، ومقاتلاً ضد «داعش»، وأيضاً ضد الجيش السوري، ثم مفاوضاً باسم الجيش السوري، ومقاتلاً ضمن صفوف ما يسمى بـ «الجيش السوري الحر»، وقائداً لـ «كتيبة شباب السنة».. وأشياء أخرى، تواجه بنظرات استهجان دون إجابة على الاحتمالات.
وحين تطالع تقارير إسرائيلية عن خطة يجري وضعها.. لترسيم سوريا، والاعتماد على «كانتونات» لأقليات؛ مثل الدروز، والأكراد وغيرهم.. وتتساءل عن حقيقة ذلك، وموقف الإدارة السورية، واستقلالها… إلخ، تجد من يخبرك بأنك.. لو تساءلت عن مثل هذه الأشياء، فأنت حقاً عدو الحرية والعدالة والإنسانية!
نقلاً عن «المصري اليوم»