اخبار السلايدر

الحكومة والمسؤولية و«طريق ربِّنا»

بدأ الحوار مع سائق إحدى شركات التطبيق.. عند «بوابات» الطريق، حيث حاول – بكل الطرق – أن يقنع موظف التحصيل، بأنه قدم لتوه من «طريق السويس»، ودفع تذكرة المرور.

وبالتالي فإن التذكرة سارية المفعول.

أخبره الموظف.. بأن هذه البوابات، ليست بوابات طريق السويس. وحتى لو كانت؛ فالذهاب.. غير الإياب.

بدا السائق غير مقتنع، ثم طرق باب محاولة أخرى، حيث أنهى مرحلة ادعاء المعرفة، وفتح باب «معلش عديني».

ودون الدخول في تفاصيل، دفع السائق التذكرة، لكن بدأ معزوفة «حرام عليهم»، و«ده ظلم»؛ مدعياً أنه.. يدفع من جيبه هذه التذاكر.

لكني أكدت له، أن التطبيق يضيف ثمن التذاكر.. على قيمة الرحلة. أي أن الراكب هو من يتحملها. فاضطر للانتقال إلى «برضه حرام. ده طريق ربنا».

فسألته: «كل حاجة بتاعت ربنا، لكن ربنا جعل الإنسان يبني الطريق، وبناء الطريق يكلف مالاً، ولو تُرك الطريق صحراء وهضاباً.. لما تمكنا من السير عليه بسيارة»، فانتقل إلى فقرة: «مش عايزين طرق.. طالما هندفع».

فسألته: «يمكن أولادك لهم رأي آخر، ويفضلون وجود شبكة طرق جيدة لمستقبلهم»، فقال إن أولاده الخمسة لا يحتاجون الطرق، فقط يحتاجون أكلاً وشرباً.. حتى يصلبوا طولهم ،وينزلوا سوق العمل – أي عمل – يسندونه به.

فسألته: «تقصد بعد أن ينهوا تعليمهم.. أكيد؟».

فجاءت الإجابة الكلاسيكية.. المستنكرة للتعليم، والمتعجلة لسنوات الطفولة لتمر.. بالطول أو بالعرض، حتى يتم الدفع بالذكور لسوق العمل، والبنات «يتستروا».. عبر ترحيل مسؤوليتهن على زوج ما، لتستمر عملية الضخ ذاتها. فهذه سنة الحياة.

ودون حاجة إلى ذكر التفاصيل، سرد السائق تجربته «الرائعة».. في إحدى الدول النفطية، التي يطالب باستنساخها، حيث الطرق ببلاش، والأكل ببلاش، والشرب ببلاش، والخلفة ببلاش (على حد قوله).

وكما هو متوقع، فإنه لا يرى علاقة بين وجود النفط، ومستوى الدخل والمعيشة، مؤكداً «وأنا مالي؟ واجب الحكومة تتكفل بي، وبأولادي.. طالما أعمل».

وبالطبع لا يوجد فرق بين «التكفل به» وبين توفير البنى التحتية والخدمات الرئيسية.. من صحة وتعليم وغيرهما. هو يطالب بأن تتكفل به الحكومة في المطلق.

لا ألوم السائق على اعتقاده، ولا أبرئ الحكومات تماماً.. من ترتيب الأولويات؛ بما فيها التوعية والتثقيف المصاحبين للبناء والتشييد.

… ما زال فقه إنجاب العيال.. العزوة، والسند المادي سائداً. وما زال فكر الرزق الذي سيأتي حتماً.. بالدعاء، وإن لم يأتِ.. بالدعاء على الحكومة (أي حكومة) مهيمناً.

وحين يتجه العالم نحو مستقبل.. بدأ بالفعل، يرتبط فيه التوظيف، أو إيجاد فرص عمل حقيقية – وليست «سايس» أو «مساعد سايس» أو مشغل ماكينة قهوة أو عامل مصعد (مع كامل الاحترام لهم) – بدرجة إتقان التطبيقات والبرامج والمهارات الرقيمة، وليس صناعة مقطع «تيك توك».. لكيفية ارتداء القميص والبنطلون، أو تحريك الشفاه على صوت مقطع من فيلم قديم، فإن هذا يستوجب منا الكثير.

نقلاً عن «المصري اليوم».

Share
لندن - تايمز أوف إيجبت

Recent Posts

مصدر: توزيع أسرى إسرائليين على أهداف محتملة للاحتلال في غزة

مصدر مطلع في غزة يقول أن عناصر المقاومة الفلسطينية «وزعت أعدادا من الأسرى الإسرائليين، على…

7 أشهر ago

احتفالية كبرى في لندن باليوبيل الذهبي لانتصار أكتوبر (صور)

مكتب الدفاع في السفارة المصرية يستضيف احتفالية كبرى.. بمناسبة الذكرى الخمسين (اليوبيل الذهبي) للانتصار في…

8 أشهر ago

مكتب الدفاع المصري بلندن يحتفل باليوبيل الذهبي لانتصارات أكتوبر

مكتب الدفاع المصري بلندن ينظم مساء غد الإثنين الثاني من أكتوبر ، إحتفالا رسمياً بمناسبة…

8 أشهر ago

تراجع سعر الذهب.. وعيار 21 يسجل 2175 جنيهًا

انخفض الذهب في مصر قرابة 20 جنيها منذ أمس الجمعة، على خلفية انخفاض سعر الذهب…

8 أشهر ago

وفاة عسكري بحريني رابع جراء الهجوم قرب الحدود السعودية اليمنية

أعلنت البحرين، أن عسكريا رابعا في وحدتها المشاركة في التحالف الذي تقوده الرياض ضد الحوثيين…

8 أشهر ago

مصر تُعلن إنتاج كل المواد البترولية بحلول العام المقبل

رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، يقول إن الدولة ستكون قادرة على إنتاج كل المنتجات…

8 أشهر ago

This website uses cookies.