Times of Egypt

.. ولكن ينقصنا النظام! 

M.Adam
عبدالله عبدالسلام 

عبدالله عبدالسلام  

من الأقوال المأثورة للروائي الكبير الراحل نجيب محفوظ – في رائعته «اللص والكلاب» – «إن نوايانا طيبة، ولكن ينقصنا النظام». فبدون نظام، لا إنجاز – أو نجاح – يمكن أن يتحقق للأفراد أو الشعوب أو الدول. في غياب النظام والانضباط، والالتزام بالقانون واللوائح.. تصبح الحياة فوضى. إنها الجسر بين الأهداف النظرية.. وتحقيقها في الواقع. الشاهد، أن حياتنا – خلال العقود الأخيرة – ينطبق عليها تماماً مقولة صاحب نوبل؛ نخاصم النظام ليس لأننا نكرهه، بل لاعتقادنا أن تجنبه.. يفيدنا، أكثر من التزامنا به. كما أنه ليس هناك عقاب مادي، يجعلنا نفكر ألف مرة.. قبل كسره. 

النظام، هو القدرة على التحكم في الذات، والالتزام بقواعد معينة. لكن الشارع المصري.. من النادر أن تجد فيه هذا أو ذاك. غالبية الناس تفعل ما يحلو لها. من يقود سيارة، لا يهمه إلا نفسه، ولا يسير في الحارة المرورية المخصصة له، بل يتسابق مع الآخرين.. على أن يكون في المقدمة.  

كنا من قبل نتهم سائقي الميكروباصات والتاكسيات بخرق القواعد.الآن، أصبح الجميع تقريباً «في الهمّ شرحٌ». الأفراد العاديون – الذين يسيرون على جانبي الطريق – حالهم مماثل. بعضهم يعبر الشارع أو الطريق.. في أي وقت.. أو أي مكان. لا تهمه أن الإشارة «مفتوحة»، أو أنه يمكن أن يتسبب في أذى لنفسه.. أو للآخرين. غالباً ما تحدث هذه السلوكيات – من السائقين والمشاة – تحت سمع وبصر رجل المرور.. دون تدخل منه. 

لكن «اللانظام» ليس مقصوراً على الشارع فقط.  

في المؤسسات الخدمية الحكومية، ستجده هناك.. يمارس دور البطولة. هناك توافق عام على أنه – وليس النظام والانضباط والالتزام بالقواعد – هو الحل. يتبعه المصريون؛ حتى الرافضين من داخلهم له، لأن المطالبة بالنظام في بيئة فوضوية.. أقرب للجنون.  

لسان حال معظمنا – عندما يخضعون لسطوة اللانظام – «ماذا يمكنني أن أفعل.. هل سأغير الكون؟» هذه الاستكانة والرضا.. أخطر من اللانظام نفسه. أصبحنا من داخلنا نعتقد أننا غير قادرين أو مؤهلين للنظام.. كما بقية شعوب العالم. ندرك أن هناك قوانين ولوائح وعقوبات.. ضد من يكسر هذا النظام، لكننا ندرك أيضاً أنها.. ليست في وارد التنفيذ. جربنا من قبل حملات انضباطية لا نهاية لها، لكنه لا يعود. في شوارع وسط البلد.. لا تستطيع السير ماشياً، فما بالك إذا كنت راكباً.. بسبب انتشار الباعة خاصة باعة الملابس، الذين يحتلون ما لا يقل عن 50% وأكثر.. منها.  

ماذا نفعل؟ هل نصمت ونتأقلم مع الواقع، كما يحدث حالياً؟  

يقول نجيب محفوظ – في عمله الخالد «الحرافيش» – «لو أن شيئاً يدوم على حال، فلم تتعاقب الفصول؟».. أي أن التغيير ليس ممكنا فقط؛ بل حتمي؛ شرط توافر الإرادة، والإصرار على أن يكون القانون هو السيد، وليس الفوضى.  

الشارع هو عنوان الدولة، وعدم الاهتمام به – بدعوى أن هناك أموراً أهم، وأكثر ضرورة – يكرس صورة سلبية عنا أمام العالم.  

المسألة ليست مستحيلة، ويجب ألا نصاب باليأس.  

في «الحرافيش»، يقول محفوظ أيضاً: «عندما تستحكم القبضة، ولا يوجد منفذ واحد للأمل، تؤمن القلوب القانطة بالمعجزة». ونحن في انتظار المعجزة. 

نقلاً عن «المصري اليوم« 

شارك هذه المقالة