أعلنت مؤسسة بريجيت باردو اليوم الأحد وفاة الممثلة الفرنسية الشهيرة عن عمر ناهز 91 عاما، بعد أن قضت الأعوام التالية لمسيرتها الفنية في حملات الدفاع عن حقوق الحيوان ومساندة سياسيين من اليمين المتطرف.
ولم يعرف بعد سبب وفاة الأيقونة الفرنسية.
ولدت باردو في باريس في 28 سبتمبر أيلول 1934 وترعرت في منزل من الطبقة المتوسطة العليا ووصفت نفسها بأنها كانت طفلة خجولة “تضع نظارات وشعرها خفيف”.
لكن بوصولها لسن الخامسة عشرة، ظهرت على غلاف مجلة (إل) وبدأت مسيرتها في عرض الأزياء وهو طريق قادها بسرعة إلى عالم الأفلام السينمائية.
وشكلت الشخصية التي جسدتها باردو في فيلم “وخلق الله المرأة” الذي دفع بها إلى الشهرة العالمية تجسيدا للأنوثة المحررة ولم يؤد الجدل الذي أثاره هذا الفيلم إلا لزيادة جاذبيتها. وأصبحت باردو رمزا أيقونيا في فرنسا في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي.
وذاع صيت باردو وسحرها ليتخطى حدود السينما الفرنسية إلى العالم. وقيل إن المغني ومؤلف الأغاني الأمريكي الشهير بوب ديلان كتب أولى أغانيه لها وهو في الخامسة عشرة من عمره، لكن تلك الأغنية لم تذع أبدا. كما رسمها الفنان الأمريكي الشهير آندي وارهول في لوحة بورتريه.
ورغم تأثيرها الواسع في ذلك الوقت، وصفت باردو حياة الشهرة بأنها تسبب العزلة وتحدثت مرارا عن إحساسها بأن شهرتها تحبسها وتحرمها من الاستمتاع بمباهج الحياة البسيطة.
وقالت بعد ذلك بعقود “لا يمكن لأحد أن يتخيل كيف كان الأمر مروعا… لم أستطع أن أواصل الحياة على هذا النحو”.
وتزوجت باردو أربع مرات كما شاع عنها الدخول في العديد من العلاقات العاطفية كما أنها عانت من الاكتئاب.
وفي عيد ميلادها السادس والعشرين، عثر عليها فاقدة الوعي في منزلها في الريفييرا بعد أن حاولت الانتحار. وشاع أنها حاولت الانتحار مرة أخرى بعد ذلك بسنوات عندما ألغت فجأة الاحتفال بعيد ميلادها التاسع والأربعين ثم ظهرت بعد ذلك في المستشفى.
وإلى جانب التمثيل، كانت لباردو مسيرة موسيقية ناجحة.
وقالت لمجلة باريس ماتش في وقت قريب من عيد ميلادها الخمسين “كنت سعيدة للغاية وثرية للغاية وجميلة للغاية ومحبوبة للغاية ومشهورة للغاية.. وأيضا تعيسة للغاية…تعرضت للخذلان كثيرا ومررت بخيبات أمل رهيبة حقا في حياتي، ولهذا السبب اخترت الانسحاب والعيش وحدي”.
ونعى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون باردو قائلا “(نتذكر) أفلامها وصوتها وشهرتها الباهرة وأحزانها وشغفها الكبير بالحيوانات ووجهها الذي صار ماريان (الشخصية النسائية التي ترمز إلى قيم الجمهورية الفرنسية). جسدت بريجيت باردو حياة الحرية. حياة فرنسية وإشراقة عالمية. لقد أثرت فينا. ننعى أسطورة من أساطير القرن”.
وقالت مؤسسة باردو “كانت السيدة بريجيت باردو ممثلة ومغنية عالمية شهيرة، فضلت التخلي عن مسيرتها المهنية المرموقة لتكريس حياتها وطاقتها للدفاع عن الحيوانات ومؤسستها. تتمنى المؤسسة تكريم ذكرى امرأة استثنائية بذلت كل شيء وتخلّت عن كل شيء من أجل عالم أكثر رفقا بالحيوانات”.
وذكرت الجمعية الفرنسية لحماية الحيوانات (سبا فرانس) “تنعي الجمعية الفرنسية لحماية الحيوانات بريجيت باردو، الشخصية الأيقونية التي دافعت بحماس عن حقوق الحيوان منذ سبعينيات القرن الماضي عبر مؤسستها التي أنشأتها في الثمانينيات، والتي كرست حياتها للدفاع عن من لا صوت لهم”.
وأضافت “أسهم التزامها الراسخ في تغيير المواقف وتحقيق تقدم كبير في مجال حماية الحيوان… شكرا لك يا بريجيت باردوعلى كل إنجازتك”.
* “معركتي الوحيدة”
وشاركت باردو في عام 1973 في آخر فيلم في مسيرتها الفنية التي شملت 42 فيلما، لكنها أعلنت لاحقا أن عالم السينما فاسد واعتزلت الحياة العامة وقالت في مقابلة تلفزيونية حينها “منحت السينما 20 عاما من عمري، وهذا يكفي”.
واستقرت باردو بعدها في منتجع سان تروبيه الفرنسي على ساحل البحر المتوسط ووجدت السلوى في الاهتمام بالحيوانات.
وبدأت من هناك دفاعا حماسيا عن حقوق الحيوانات، وقالت في 2013 “هذه معركتي الوحيدة، المسار الوحيد الذي أريد أن أسلكه في حياتي”.
وأسست في عام 1986 مؤسسة بريجيت باردو لحماية الحيوانات وأقامت مزادات في العام التالي عرضت فيها مقتنيات شخصية لتجمع أموالا لهذا الغرض.
ووصفت باردو هذا الشغف بأنه ترياق لما شهدته من خيبة أمل في علاقاتها الإنسانية وقالت “منحت جمالي وشبابي لرجال… وسأمنح حكمتي وخبرتي للحيوانات”.
وتسببت الآراء السياسية والاجتماعية والتصريحات التي أدلت بها باردو بشأن الهجرة والإسلام والمثلية الجنسية عبر السنوات أيضا في إثارة الكثير من الجدل واتهمت بأنها تحرض على الكراهية العرقية.
وبين عامي 1997 و2008، فرضت عليها محاكم فرنسية غرامات ست مرات بسبب تصريحات أدلت بها خاصة تلك التي استهدفت بها المسلمين في فرنسا.
وفي إحدى القضايا، فرضت عليها محكمة في باريس غرامة 15 ألف يورو بسبب وصفها للمسلمين بأنهم “يدمروننا ويدمرون بلدنا بفرض سلوكياتهم”.
وفي 1992، تزوجت مستشارا سابقا لحزب الجبهة الوطنية المنتمي لليمين المتطرف وأيدت علنا فيما بعد زعيمين متاليين للحزب هما السياسية اليمينية البارزة مارين لوبان ووالدها.