في إنجاز عالمي جديد يعكس حجم التطور الكبير الذي تشهده الموانئ المصرية، واستمرارًا لسلسلة النجاحات التي تحققها في مختلف التصنيفات الدولية، تسلّم الفريق مهندس كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير الصناعة والنقل، خلال زيارته لميناء السخنة، شهادة موسوعة «جينيس» للأرقام القياسية، من السيدة كانزي الدفراوي، المحكّم المعتمد لدى «جينيس»، وذلك لتسجيل ميناء السخنة كأعمق حوض ميناء من صنع الإنسان يُنشأ على اليابسة، بعمق يبلغ 19 مترًا.
وأعرب الوزير، خلال كلمته، عن سعادته البالغة بهذا الإنجاز العالمي الكبير، الذي يجسّد حجم التطور الشامل الذي تشهده مصر حاليًا في مختلف القطاعات، وعلى رأسها قطاع النقل البحري. وأكد أن هذا الإنجاز ما كان ليتحقق لولا الإرادة السياسية القوية لفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، وتوجيهاته ومتابعته المستمرة والدؤوبة.
وأضاف أن من دواعي الفخر أن هذا الإنجاز تحقق بأيدي العمال والمهندسين والشركات الوطنية المصرية المتخصصة، التي باتت تقدم يومًا بعد يوم إنجازات جديدة داخل مصر وخارجها، بما يعكس كفاءة وبراعة الكوادر المصرية وقدرتها على تنفيذ المشروعات العملاقة في مختلف المجالات. وأشار إلى المشاركة الفعّالة لأكثر من 200 شركة وطنية مصرية في هذا المشروع العالمي، موجّهًا الشكر إلى دولة رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، والحكومة المصرية، والهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
وأوضح نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير الصناعة والنقل أن هذا التطور الكبير الذي يشهده ميناء السخنة يأتي تنفيذًا لتوجيهات فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي بأهمية تعظيم الاستفادة من الموقع الجغرافي الفريد لمصر على البحرين الأحمر والمتوسط، ووجود أحد أهم الممرات الملاحية العالمية، وهو قناة السويس، مع ضرورة تحويل ميناء السخنة إلى ميناء محوري عالمي على البحر الأحمر، ليكون بوابة رئيسية على السواحل الشرقية للدولة المصرية، تخدم حركة الصادرات والواردات، وتعزز مكانة مصر على خريطة التجارة العالمية، وصولًا إلى الهدف الاستراتيجي المتمثل في «تحويل مصر إلى مركز إقليمي للنقل واللوجستيات وتجارة الترانزيت».
وأشار إلى أن وزارة النقل وضعت خطة شاملة لتطوير صناعة النقل البحري، باعتبارها أحد الركائز الأساسية لرؤية «مصر 2030»، والتي تقوم على ثلاثة محاور رئيسية. يتمثل المحور الأول في تطوير الموانئ البحرية، حيث جرى التخطيط لإنشاء 70 كيلومترًا من الأرصفة بأعماق تتراوح بين 18 و25 مترًا، ليصل إجمالي أطوال الأرصفة إلى أكثر من 100 كيلومتر، إلى جانب إنشاء 35 كيلومترًا من حواجز الأمواج ليصل إجمالي أطوالها إلى 50 كيلومترًا، وزيادة مساحات الموانئ إلى 100 مليون متر مربع، فضلًا عن تطوير وبناء أسطول من القاطرات البحرية ليصل إلى 80 قاطرة بقوة شد تتراوح بين 70 و90 طنًا.
أما المحور الثاني، فيتمثل في تطوير الأسطول البحري المصري، حيث يجري العمل على رفع عدد السفن إلى 40 سفينة بحلول عام 2030، مملوكة بالكامل للشركات التابعة لوزارة النقل، وهي: شركة الملاحة الوطنية، وشركة الجسر العربي للملاحة، وشركة القاهرة للعبّارات، والشركة المصرية لناقلات البترول، ليصبح الأسطول المصري قادرًا على نقل نحو 25 مليون طن من البضائع المتنوعة سنويًا.
ويتضمن المحور الثالث تكوين شراكات استراتيجية مع كبرى شركات إدارة وتشغيل محطات الحاويات العالمية والخطوط الملاحية الدولية، لضمان تردد أكبر عدد ممكن من السفن العالمية على الموانئ المصرية، ومضاعفة طاقات التشغيل، والتوسع في تجارة الترانزيت. وفي مقدمة هذه الشراكات شركة «هاتشيسون بورتس» العالمية، إحدى أكبر مشغّلي الموانئ في العالم، والتي تتولى حاليًا إدارة وتشغيل محطات حاويات في كل من الإسكندرية والدخيلة وأبو قير، إلى جانب محطة الحاويات بميناء السخنة، بإجمالي أطوال أرصفة تبلغ 2600 متر، وبغاطس 18 مترًا، وساحات تداول بمساحة 1.5 مليون متر مربع، وطاقة استيعابية تقدر بنحو 1.6 إلى 1.7 مليون حاوية مكافئة سنويًا، والتي استقبلت اليوم أولى سفن الحاويات.
وأوضح الوزير أن وزارتي الصناعة والنقل تنفذان خطة تطوير شاملة لميناء السخنة، تقوم على التكامل بين الميناء والمنطقة الصناعية بالسخنة، حيث جرى حفر خمسة أحواض جديدة بأعماق تصل إلى 19 مترًا، وبكميات حفر بلغت نحو 120 مليون متر مكعب، إلى جانب أعمال تكريك داخل الميناء بنحو 70 مليون متر مكعب، جرى خفضها بمعدل يقارب 25 مليون متر مكعب من خلال أعمال التجفيف، التي تُعد فكرًا مصريًا خالصًا يهدف إلى تقليل كميات التكريك باستخدام طلمبات سحب مياه محلية الصنع.
كما شملت أعمال التطوير إنشاء 18 كيلومترًا من الأرصفة، وحواجز أمواج بطول 3300 متر، وطرق داخلية بطول 17 كيلومترًا بثلاث حارات في كل اتجاه، وإنشاء شبكة سكك حديدية بطول 30 كيلومترًا داخل الميناء، وربطه بشبكة نقل حديثة متعددة الوسائط تشمل السكك الحديدية والطرق والموانئ الجافة والمناطق اللوجستية، فضلًا عن ربطه بالخط الأول لشبكة القطار الكهربائي السريع، بما يضمن انسيابية حركة تداول البضائع وخفض تكاليف النقل وزمن التداول. كما أشار إلى توجيهات فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي بالردم خلف حواجز الأمواج لاكتساب مساحات أرض جديدة تُقدّر بنحو 4 ملايين متر مربع.
وأكد الوزير أن ما تقوم به الدولة المصرية من تطوير شامل في البنية التحتية بات واضحًا للعالم أجمع، وبدأت مصر تجني ثماره فعليًا، خاصة في قطاع الموانئ البحرية، حيث حققت بعض الموانئ المصرية أرقامًا قياسية ومراكز متقدمة في التصنيفات العالمية.
ومن جانبها، أعربت السيدة كانزي الدفراوي، المحكّم المعتمد لدى موسوعة «جينيس» للأرقام القياسية، عن سعادتها بالتواجد في ميناء السخنة، موضحة أنها خضعت لتدريب معتمد من «جينيس» لتحكيم ومنح الألقاب القياسية، وأنها حضرت اليوم للإعلان عن نتيجة محاولة ميناء السخنة تسجيل رقم قياسي لأعمق حوض ميناء من صنع الإنسان يُنشأ على اليابسة. وأضافت أن فريق العمل قام بمراجعة جميع السجلات والبيانات بدقة متناهية، مؤكدة الالتزام الكامل بجميع الإرشادات والمتطلبات. وقالت: «بعد مراجعة كل الأدلة، يسرني أن أعلن رسميًا أن ميناء السخنة حقق عمقًا قدره 19 مترًا، وبالنيابة عن موسوعة جينيس للأرقام القياسية، أُعلن أن ميناء السخنة هو حامل اللقب الجديد لأعمق حوض ميناء من صنع الإنسان يُنشأ على اليابسة… أنتم الآن رسميًا مدهشون».