أكد الدكتور محمود عصمت، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، اهتمام مصر البالغ بدعم وتطوير حلول الطاقة المستدامة والتحول الطاقي في القارة الإفريقية، بما يضمن الاستفادة المثلى من الثروات والموارد الطبيعية ورأس المال البشري. وأشار إلى أن استراتيجية عمل وزارة الكهرباء ترتكز على التوسع في استخدام مصادر الطاقة المتجددة، وزيادة مساهمة الطاقة النظيفة في مزيج الكهرباء، وتنويع مصادر الإمداد، وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
جاء ذلك خلال مشاركته في المائدة المستديرة رفيعة المستوى ضمن فعاليات المؤتمر العام الحادي والعشرين لاتحاد مرافق الطاقة الإفريقية (APUA) تحت عنوان *«إفريقيا وتحديات التحول الطاقي»*، الذي تستضيفه وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة برعاية الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء.
وأوضح عصمت أن الاستراتيجية الوطنية للطاقة في مصر حتى عام 2040 تستهدف رفع مساهمة الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء لتتجاوز 42% بحلول عام 2030، وتصل إلى 65% بحلول عام 2040، مؤكداً أن التحول نحو الطاقة النظيفة يمثل ركيزة أساسية لمواجهة تغير المناخ وخفض انبعاثات الكربون وصولاً إلى الحياد الصفري، إلى جانب مواءمة السياسات الوطنية مع أطر التنمية الإقليمية بما يتماشى مع أولويات أجندة الاتحاد الإفريقي 2063 المتعلقة بالتصنيع والبنية التحتية والتكامل الإقليمي. كما شدد على التزام مصر بإنشاء آلية مشتركة مع الاتحاد الإفريقي لتنسيق الجداول الزمنية وتبادل بيانات المشروعات العابرة للحدود، بما يعزز تجارة الكهرباء الإقليمية.
وأضاف الوزير أن مصر نجحت في إعادة بناء البنية التحتية لقطاع الكهرباء وتعزيز الإطار التشريعي الداعم والمحفز للقطاع الخاص وجهات التمويل الدولية، لتصبح من أبرز الوجهات الجاذبة للاستثمار في الطاقة المتجددة. وقد شملت الإصلاحات التوسع في اتفاقيات شراء الطاقة بين القطاع الخاص (PPAs) استناداً إلى نجاح المشروع التجريبي بقدرة 400 ميجاوات، إلى جانب تحديث الأطر القانونية لضمان الشفافية والجدوى المالية، وإطلاق نافذة موحدة لإصدار التراخيص وربط الشبكات، وتطبيق هيكل تعريفة متوازن يضمن تنافسية الصناعة وحماية الأسر محدودة الدخل.
وأشار عصمت إلى أن البنية التحتية المستدامة للطاقة تمثل دعامة مباشرة للمراكز الصناعية الناشئة والمناطق الاقتصادية الخاصة، موضحاً أنه يجري حالياً إعداد مخططات طاقة خضراء متكاملة لتلك المناطق، تجمع بين الطاقة الشمسية والرياح وحلول التخزين، مع توفير خيار الشبكات المصغرة لتعزيز الاعتمادية. وكشف عن مشروعات رائدة في شرق بورسعيد وصعيد مصر لتوفير طاقة متجددة مخصصة للمستثمرين الصناعيين بما يضمن إمدادات كهرباء مستقرة وذات جدوى اقتصادية.
وفيما يتعلق بدمج الطاقة المتجددة في تخطيط المدن الذكية، أوضح الوزير أن مصر تعمل على إدماج مكونات البنية التحتية الذكية للطاقة منذ مراحل التخطيط الحضري، بما يشمل التوليد اللامركزي والعدادات الذكية وآليات الاستجابة للطلب، إلى جانب إطلاق منصات تنظيمية تجريبية بالتعاون مع قطاع تكنولوجيا المعلومات والحكومات المحلية لاختبار النماذج الجديدة، واستكشاف أدوات تمويل مبتكرة مثل السندات الخضراء البلدية لدعم مشروعات الطاقة في المدن.
وأكد عصمت أن الحكومة تلعب دوراً محورياً في جذب الاستثمارات وتخفيض مخاطر القطاع الخاص في البنية التحتية للطاقة النظيفة، من خلال آليات تمويل مشترك، وأدوات لتقاسم المخاطر، وحوافز مالية محددة المدة للمشروعات الصناعية المتجددة، فضلاً عن إصدار خطة استثمارية متجددة كل ثلاث سنوات لزيادة الشفافية وتقليل المخاطر.
وشدد وزير الكهرباء على حرص الوزارة على تعزيز مشاركة القطاع الخاص في مشروعات الطاقة المتجددة ومتابعة تنفيذ التعاقدات بشكل دوري للتغلب على أي معوقات وضمان الالتزام بالجداول الزمنية لإضافة القدرات الجديدة وربطها بالشبكة القومية. كما أشار إلى التوسع في نماذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص مثل البناء والتشغيل والنقل (BOT) لمحطات الطاقة وخطوط النقل، بما يتضمن نقل التكنولوجيا وزيادة المكون المحلي لدعم الصناعة الوطنية.
وفي ختام كلمته، اقترح عصمت مجموعة من الالتزامات لتحقيق تحول طاقي عادل ومستدام في إفريقيا، من أبرزها:
* تسريع إضافة 5 جيجاوات من الطاقات المتجددة بحلول عام 2027 مع إعطاء الأولوية لاحتياجات الصناعة.
* التوسع في اتفاقيات شراء الطاقة بين القطاع الخاص لتصل إلى 2 جيجاوات على الأقل خلال 18 شهراً.
* إطلاق ثلاثة مشروعات تجريبية لمناطق اقتصادية خضراء تعتمد على الطاقة المتجددة وحلول التخزين.
* إنشاء آلية إقليمية لتقليل المخاطر بالشراكة مع بنوك التنمية لجذب الاستثمارات.
وأكد في ختام حديثه استعداد مصر الكامل لنقل خبراتها وتجاربها في مجال الطاقة المتجددة، ومواصلة مساندة ودعم الأشقاء الأفارقة في مسيرتهم نحو مستقبل طاقي مستدام.