عقد المهندس كريم بدوي، وزير البترول والثروة المعدنية، اليوم الجمعة، اجتماعًا موسعًا بمقر شركة “جاسكو”، ضم رؤساء شركات القطاع ونوابهم ومساعديهم، إلى جانب عدد من الكوادر الشابة، بهدف تبادل الرؤى حول التحديات والفرص المستقبلية للقطاع الحيوي.
وشهد الاجتماع مناقشات موسعة حول جذب الاستثمارات في مجالات البحث والاستكشاف، خاصة في المناطق البكر، وتطوير الاتفاقيات الحالية، إلى جانب الاستثمار في العنصر البشري عبر برامج تدريبية متطورة. كما أولى الوزير اهتمامًا خاصًا بمقترحات الحضور المتعلقة بتوسيع استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في مواقع الإنتاج، والاستفادة من الطاقة الشمسية في الحقول البترولية، وتعزيز قدرات الشركات الوطنية في أنشطة الإنتاج، مع العمل على تعظيم الاستفادة من معامل التكرير من خلال توفير كميات خام جديدة.
كما تم التطرق إلى خطط تحفيزية لتوسيع قاعدة مستخدمي الغاز الطبيعي في قطاع النقل، عبر برامج تستهدف حائزي السيارات لتحويلها إلى الغاز الطبيعي كوقود نظيف، بما يتماشى مع جهود الدولة للتحول إلى الطاقة المستدامة.
تعزيز الإنتاج وتأمين احتياجات الصيف
استعرض الوزير جهود الوزارة في الحفاظ على معدلات الإنتاج المحلية من البترول والغاز، مشيدًا بفرق العمل التي تمكنت خلال الأشهر الماضية من مواجهة التناقص الطبيعي في الإنتاج ورفع كفاءة الحقول، تمهيدًا لزيادة الإنتاج تدريجيًا خلال الفترة المقبلة، ما يعكس التأثير المباشر لهذا الجهد على حياة أكثر من 120 مليون مواطن.
وأكد بدوي أن الوزارة عملت بشكل متكامل لتلبية متطلبات فصل الصيف، من خلال رفع معدلات الإنتاج المحلي، واستيراد الغاز الطبيعي المسال وتغييزه عبر أربع سفن استقدمتها الوزارة، فضلًا عن جاهزية الأرصفة البحرية والموانئ لاستقبال تلك السفن وتشغيلها على مدار الساعة، مشددًا على التنسيق المستمر مع وزارة الكهرباء لتوجيه الغاز لمحطات التوليد الأعلى كفاءة.
6 محاور استراتيجية لتعظيم موارد القطاع
خلال الاجتماع، أوضح الوزير أن استراتيجية وزارة البترول تعتمد على 6 محاور رئيسية، تشمل خلق فرص استثمارية جديدة، والاستغلال الأمثل للبنية التحتية دون التقيد بالقدرات الإنتاجية الحالية، وتعظيم القيمة المضافة من صناعات البتروكيماويات والغاز المسال، بالإضافة إلى إحداث نقلة نوعية في قطاع التعدين.
كما تشمل الاستراتيجية تشكيل مزيج طاقة مثالي يتيح زيادة الطاقة الخضراء والمتجددة لتصل إلى 42% بحلول 2030، والحفاظ على العنصر البشري وتقليل الانبعاثات الكربونية، إلى جانب تعزيز التعاون الإقليمي مع الدول المحيطة لتوظيف البنية التحتية المشتركة والموارد بأعلى كفاءة.
استثمارات جديدة وتحفيز الشركات
أوضح بدوي أن تهيئة بيئة استثمارية جاذبة يتطلب تنسيقًا مع مختلف الوزارات، مشيرًا إلى أن الحزم التحفيزية التي أطلقتها الوزارة ساعدت على استعادة ثقة الشركاء الأجانب، من خلال توفير حوافز للإنتاج الإضافي، وتحسين شروط التسعير، وتعديل الاتفاقيات، بجانب طرح مناطق جديدة قريبة من مناطق الامتياز الحالية، بما يقلل من تكلفة الإنتاج ويزيد من الجدوى الاقتصادية للمشروعات.
وأكد الوزير التزام الوزارة بسداد المستحقات الشهرية للشركاء بانتظام، ما يعزز ثقتهم ويشجعهم على التوسع في الأنشطة الإنتاجية، مستشهدًا بتجربة شركة “أباتشي” الأمريكية الناجحة في الصحراء الغربية، والتي استفادت من الحوافز وحققت نتائج ملموسة في زيادة الإنتاج، وهو ما أعلنه رئيس الشركة جون كريسمان خلال مؤتمر “إيجبس”.
دعم استكشاف المناطق البكر وتوسيع الأنشطة البحرية
تطرق الوزير إلى قرارات مجلس الوزراء الأخيرة بالموافقة على تطبيق نظام “معامل الربحية” في عدد من اتفاقيات البحث، ما يعزز جاذبية الاستثمار في المناطق البحرية العميقة والبكر. وكشف عن قرب إعلان نتائج طرح عدد من المناطق الاستكشافية الجديدة، إلى جانب إطلاق عمليات المسح السيزمي في جنوب الوادي لوضعها على خريطة الاستثمار البترولي.
وأشار كذلك إلى وفاء الشركات العاملة في منطقة البحر الأحمر بالتزاماتها الاستثمارية، إلى جانب قرارها بزيادة الإنفاق على أنشطة البحث والاستكشاف في البحر المتوسط، ما يؤكد الثقة في مستقبل القطاع المصري.
شراكة إقليمية مع قبرص.. وتوسيع العلاقات الأفريقية
أكد بدوي أهمية الاتفاق الموقع في فبراير الماضي بالقاهرة مع قبرص لتنمية حقل كرونوس، والذي سيمكّن مصر من استقبال الغاز القبرصي ومعالجته عبر بنيتها التحتية المتطورة، على أن يبدأ ضخ الغاز فعليًا بحلول عام 2027. وأوضح أن الشراكة بين مصر وقبرص وإيني الإيطالية تمثل نموذجًا ناجحًا للتعاون الإقليمي في الطاقة.
وفي سياق توسيع نطاق الشراكات الخارجية، شدد الوزير على أهمية التوسع في السوق الأفريقية، مشيرًا إلى أن شركات “بتروجت” و”إنبي” و”إيبروم” و”صان مصر” مؤهلة لتوسيع أنشطتها في القارة بفضل خبراتها المتراكمة.
وفي ما يخص التعدين، أشار الوزير إلى التطورات المتسارعة التي يشهدها القطاع، بفضل التعاون الوثيق بين وزارة البترول ووزارة المالية ومجلس النواب، والذي أسفر عن تحويل هيئة الثروة المعدنية إلى هيئة اقتصادية، ما يمنحها مرونة أكبر في دعم الاستثمار وتسريع الإجراءات.
وأشار إلى أن تحديث اتفاقيات الذهب ساعد على جذب شركات عالمية مثل “أنجلو جولد أشانتي” و”باريك جولد”، ما يعزز فرص الاكتشافات الجديدة إلى جانب منجم السكري.
كفاءات بشرية وتمكين الشباب
اختتم الوزير اللقاء بدعوة العاملين إلى تبني مفاهيم التمكين والملكية في بيئة العمل، من خلال المبادرة بتطبيق الأفكار وتحقيق النتائج وفق أعلى درجات المسؤولية، مشيرًا إلى أن الوزارة تعمل على تطوير آليات تنمية الموارد البشرية وتوفير التمويل اللازم لشركات القطاع، وخاصة “الشركة العامة للبترول” التي تمتلك كفاءات كبيرة وتحتاج لفرص نمو أكبر.
كما شدد على أهمية العمل المؤسسي القائم على الأداء الجماعي، مؤكدًا أن اختيارات القيادات تتم وفق معايير دقيقة بعيدًا عن الأساليب النمطية، بهدف تحقيق الاستفادة القصوى من الخبرات المتنوعة، عبر التنقلات المدروسة بين المواقع القيادية لضمان تحقيق الأهداف الاستراتيجية للقطاع.