عبدالله عبدالسلام
منذ توليه وزارة الخارجية في إدارة ترامب، لم يشعر العالم بدور حقيقي له.
قضايا السياسة الخارجية الرئيسية، سحبها ترامب منه، وأوكلها إلى صديقه الملياردير رجل العقارات ستيف ويتكوف؛ الملف الفلسطيني الإسرائيلي في حوزة ويتكوف. مفاوضات التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار مقابل إطلاق سراح رهائن إسرائيليين ملكية حصرية له. محادثات تسوية الحرب الروسية-الأوكرانية.. يقودها مقاول العقارات. المفاوضات الراهنة بين أمريكا وإيران – بشأن البرنامج النووي الإيراني – يتولاها أيضًا ويتكوف، الذي يملأ الدنيا تصريحات وأحاديث، كما لو كان وزير الخارجية الفعلي.
ماذا يبقى للوزير روبيو.. كي يمارسه، ويُثبت أنه قائد الدبلوماسية الأمريكية؟
تقريبًا لا شيء. السياسة الخارجية لا يصنعها البيت الأبيض فقط، بل ينفذها أيضًا. ترامب يتحدث في كل قضية، ويتخذ القرار، بينما وزارة الخارجية مشغولة بالدفاع عن نفسها.. ضد هجمات الملياردير إيلون ماسك – مستشار ترامب لشؤون الكفاءة الحكومية – الذي يمارس هوايته في طرد موظفي الوزارات.. بحجة ضغط النفقات، وعدم ممارستهم لأعمال حقيقية. ماسك ألغى عملياً الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.. التي تتبع وزارة الخارجية، وأحال موظفيها على الاستيداع.
في ظل هذا الفراغ، حاول روبيو أن يجد دوراً.. يؤكد – من خلاله – لنفسه والبيت الأبيض والشعب الأمريكي، أنه ما زال وزيراً مهماً. تقمَّص وظيفة وزير الداخلية.. المختص باستئصال المهاجرين.
… استهدف – تحديدًا – الطلاب الذين يمارسون أنشطة سياسية، اعتادت الجامعات الأمريكية على أن تشهدها منذ عشرات السنين؛ ما دامت لا تتحول إلى أعمال عنف. من بين الطلاب الأجانب – وهم بعشرات الآلاف – صوَّب روبيو سهامه.. باعتبار ملف الهجرة يقع ضمن مسؤولياته، ضد الطلاب المؤيدين للقضية الفلسطينية، وتحديداً الفلسطينيين. عاملهم كمجرمين، وليس طلاب علم.
قبل أيام، توجَّه محسن مهداوي – الطالب الفلسطيني في جامعة كولومبيا – إلى مكتب الهجرة في ولاية فيرمونت.. لبدء الخطوة الأخيرة للحصول على الجنسية. بدلًا من إجراء المقابلة، جرى اقتياده مكبَّل اليدين.. إلى مركز اعتقال. «الخارجية الأمريكية» بعثت بتقرير لمكتب الهجرة، اتهمت فيه مهداوي بتنظيم احتجاجات داخل الجامعة.. ضد إسرائيل، وبمعاداة السامية، وترهيب الطلاب اليهود.
وزارة الخارجية تملك صلاحيات واسعة لإلغاء تأشيرات من يدعمون حركات مقاومة لا ترضي.
في 8 مارس الماضي، تم احتجاز الطالب الفلسطيني – بكولومبيا أيضاً – محمود خليل في مركز اعتقال، وأصدر قاضٍ أمريكي.. حكماً بإمكان ترحيله بناء، على معلومات من الخارجية الأمريكية.
نفس الأمر.. تعرَّضت له روميسا أوزتورك – طالبة الدكتوراه التركية بجامعة «تافتس» بولاية ماساتشوستس – التي أُلقي القبض عليها، واتهامها بدعم منظمات إرهابية فلسطينية.. نتيجة تقرير للخارجية الأمريكية.
تعليقاً على ذلك، اتهم السيناتور الديمقراطي كريس فان هولين.. وزير خارجية بلاده.. بالكذب، وقال: «روبيو لا يمارس سياسة خارجية هذه الأيام، لكنه أصبح الرجل الذي يُخفي الطلاب الأجانب، وحتى مَن لديهم إقامات دائمة بأمريكا، لمجرد ممارستهم حقوقهم المكفولة دستورياً. روبيو بدا في سلوكه كضابط بوليس.. قال: زيارة أمريكا ليست حقاً، بل امتياز تمنحه الحكومة لهم. ومن لا يحترم «قيم وقوانين» البلاد سيتم ترحيله».
… لعله كان يقصد فرمانات وقرارات ترامب، التي لا علاقة لها بالدستور الأمريكي.
نقلاً عن «المصري اليوم»