Times of Egypt

.. والفائز هو الصين! 

M.Adam
عبدالله عبدالسلام 

عبدالله عبدالسلام 

في ظل هجمات ترامب، التي لا تتوقف على دول العالم، خاصة الحليفة منها، يثور التساؤل: من يستطيع أن يقول لا؟ 

 دول كثيرة تراجعت أمام التهديدات – وفي مقدمتها فرض رسوم تجارية إذا لم تستجب لمطالب واشنطن وتفتح أسواقها للمنتجات الأمريكية – كولومبيا خضعت، ووافقت على استقبال المهاجرين الذين أعادهم ترامب. كندا والمكسيك.. تحاولان التوصل إلى اتفاق مع واشنطن يمنع سيل العقوبات. الاتحاد الأوروبي يسعى جاهداً إلى «مهادنة»، رغم أن المسؤولين الأمريكيين لا يتركون فرصة إلا وانتقدوا بشدة السياسات الأوروبية، بل وسخروا منها. 

من يصمد إذن في وجه التهديدات؟  

تبدو الصين الأكثر قدرة على ذلك. بل إن بعض الخبراء يعتقدون أن التوجهات الأمريكية الجديدة.. تخدم الصين، من حيث لا يدري ترامب. جيمس كرابتري – المدير التنفيذي السابق للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في آسيا – كتب في مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية.. مقالاً بعنوان: «ترامب يمكن أن يجعل الصين عظيمة مجدداً»؛ في محاكاة ساخرة لشعار الرئيس الأمريكي الذي فاز به في الانتخابات (لنجعل أمريكا عظيمة مجدداً).  

الصين قادرة على تحمُّل التعريفات الجمركية، والرد بالمثل. ردها سيؤلم الاقتصاد الأمريكي.. بنفس نسبة تأثر اقتصادها. بكين لا ترغب في الدخول في حرب تجارية، لكن تجربة رئاسة ترامب الأولى.. تؤكد أنها لن تتأخر عن خوضها. آنذاك، اضطرت واشنطن إلى عقد اتفاق معها.. لإنهاء تلك الحرب. 

ترامب أيضاً نجح في إغضاب حلفائه؛ أوروبا تشكو علانية من سياساته، ومحاولته استبعادها من مفاوضات إنهاء الحرب الروسية-الأوكرانية. كلام نائب الرئيس الأمريكي فانس الأخير – الذي اتهم دول القارة بعدم احترام حرية التعبير، واضطهاد الأقليات، ولقاؤه مع زعيم اليمين المتطرف الألماني – يصب في مصلحة الصين، التي تسعى لإقامة شراكة مع الاتحاد الأوروبي.. كما يقول الدبلوماسي الهندي السابق زمير أحمد أوان.  

تجميد واشنطن للمساعدات الخارجية، خاصة للدول الفقيرة، يجعل بكين في موقف قوي؛ إذ إنها تعتمد سياسة تقديم القروض، وتشييد البنية التحتية.. خاصة في أفريقيا؛ مما يزيد من نفوذها. أمريكا بنت هيمنتها في السابق.. على تقديم المساعدات. الآن، ماذا لديها لتقدمه.. هل ستعاقب، أو تحارب.. كل من يرفض سياساتها؟ 

انسحابها من المنظمات الدولية.. وأحدثها الصحة العالمية، وعداؤها الغريب لمنظمة العمل الدولية، يعطي الصين مزيداً من النفوذ والتأثير، خاصة في ظل خطاب رسمي صيني.. يدعو إلى عالم متعدد الأقطاب، تكون فيه كل دولة قادرة على شغل المكانة التي تستحقها، والاضطلاع بدورها.  

مع تبني واشنطن مواقف أكثر أحادية، ودخولها في خلافات مع معظم مناطق العالم.. تقدم بكين نفسها كبديل؛ لا يتدخل في شؤون الدول، ومستعد لإقامة شراكات تجارية واقتصادية مفيدة لكل الأطراف. الصين تؤكد استعدادها لمواجهة أي حروب تجارية، لكنها لا تستبعد التوصل لاتفاق مع أمريكا. الطبيعة لا تعرف الفراغ. انسحاب أمريكا من المشهد، وإصرارها على إبعاد الحلفاء عنها، من شأنه اقتراب الصين – عاجلاً أو آجلاً – من مقعد قيادة العالم. 

نقلاً عن «المصري اليوم» 

شارك هذه المقالة