عبدالله عبدالسلام..
بصراحة، تفاجأت بنتيجة المسح الدولي – الذي أجرته دورية «نيتشر» للسلوك الإنساني – حول ثقة الناس حول العالم.. في العلم والعلماء. أكد المسح.. الذي شمل 68 دولة، وشارك فيه 71 ألفاً و922 شخصاً، أن المصريين.. أكثر شعوب الدنيا ثقة في العلم والعلماء، يأتي خلفهم الهنود والنيجيريون، والكينيون والأستراليون. وبعد ذلك بمراحل.. شعوب أمريكا والصين، وكندا وألمانيا واليابان، وغيرهم. خلال السنوات القليلة الماضية، تعرضت «سلطة» العلم عالمياً.. للتحدي. لم يعد الناس يثقون فيه كثيراً، خاصة بعد انتشار وباء كورونا. اعتقدت نسبة معتبرة.. أن الحكومات قامت بتسييس العلم، وجعلت العلماء أدوات.. لتنفيذ خططها لمواجهة الوباء.
في أمريكا تحديداً، خضع العلم للتقسيمات الأيديولوجية والسياسية؛الليبراليون أيّدوا العلم والعلماء، ونشطوا في دعوة الناس.. للإقبال على التطعيمات، والالتزام بالإجراءات المطلوبة.. لعدم الإصابة؛ كارتداء الكمامة، والابتعاد عن مخالطة الآخرين. المحافظون، وأصحاب الأفكار اليمينية.. شككوا في نوايا العلماء، واعتبروا اللقاحات مؤامرة على الصحة، والقدرة الإنجابية. نفس الأمر، تعلق بالتغير المناخي، وارتفاع درجة حرارة الأرض. المحافظون – وفي مقدمتهم الرئيس ترامب – وصفوا القضية بالخدعة والمؤامرة.. وتأكيداً لذلك، انسحب ترامب – مجدداً – من اتفاقية باريس لمعالجة تداعيات التغير المناخي. شعوب أخرى في الغرب لديها نفس الاستقطاب.. بشأن النظرة للعلم والعلماء.
ماذا عن المصريين؟ هل نؤمن حقيقة بالعلم، ونثق بالعلماء ونزاهتهم، ونعتقد أنهم صادقون، ونرحب بأن يلعبوا دوراً أكبر.. في الحياة العامة وإدارة شؤون البلاد؟ نتائج المسح الدولي تؤكد ذلك دون تحفظ. إلا أن الواقع – للأسف الشديد – لا يطابق ذلك. المسح الميداني الدولي أشار إلى معظم المشاركين.. من الدول الإسلامية؛ خاصة ماليزيا وبنجلاديش وتركيا، أكدوا أنه لا تعارض بين الدين والعلم، لأن القرآن يدعو إلى العلم واحترام العلماء، إلا أن بعض المصريين.. لا يزال يرى أن المقصود بالعلم، هو علوم الدين فقط، وأن العلماء هم الفقهاء والمتخصصون في الشريعة. تفسير كلمتي العلم والعلماء عندنا مختلف.
خلال وباء كورونا، انتشر عدم الالتزام بإجراءات السلامة والوقاية.. بحيث بدا الأمر، وكأننا نعيش في كوكب خاص بنا، ولا علاقة له ببقية العالم. صورة العلماء لدينا.. ليست زاهية؛ لا في الواقع، ولا في السينما والدراما. الإقبال على الكليات العلمية.. ليس بسبب العلم، بل مرتبط بأحلام الدخل الكبير.. الذي يمكن الحصول عليه فيما بعد. راتب أستاذ الجامعة ضئيل، لا يساوي شيئاً.. مقارنة بمهن أخرى. والاستفادة من الأبحاث العلمية.. قليلة وربما غير موجودة. أرفف المكتبات الأكاديمية.. تعج برسائل الماجستير والدكتوراه، ولا تجد من يسعى لتحويلها إلى مشروعات عملية. للأسف، هناك مصريون يؤمنون بالخرافات، سواء في العلاج، أو التعامل مع المشاكل والتحديات.. التي تواجههم.
ومع ذلك، فإن نتائج الدراسة الدولية مشجعة، بل تبعث على التفاؤل. إنها بحاجة للبناء عليها، وتحويلها من مجرد ثقة نظرية.. إلى واقع على الأرض.
المطلوب إفساح المجال للعلم والعلماء.. فى الفضاء العام، والتوقف عن حصرهم.. في أبراجهم العاجية.
نقلاً عن «المصري اليوم»
هل يثق المصريون حقاً في العلم؟!

شارك هذه المقالة