Times of Egypt

هل استعادة الثقة مع الضرائب ممكنة.. أم مجرد كلام؟ 

M.Adam
زياد بهاء الدين 

زياد بهاء الدين 

جمعتني ندوة في معهد التخطيط القومي منذ أيام، مع الأستاذة رشا عبدالعال – رئيسة مصلحة الضرائب المصرية – حول السياسات الضريبية الجديدة، والإصلاحات المطلوبة. والندوة كانت جزءاً من سلسلة النقاشات – التي يعقدها المعهد برئاسة الدكتور أشرف العربي – بحضور أساتذة أجلاء وزملاء أعزاء. 

الأستاذة رشا عبدالعال.. استعرضت السياسات والتشريعات الضريبية الجديدة، وعنوانها الرئيسي «استعادة الثقة بين المصلحة الضريبية ودافعي الضرائب». والحقيقة آنه ليس عنواناً إنشائياً ولا إعلامياً، بل الواضح أنها السياسة.. التي تستهدفها وزارة المالية ومصلحة الضرائب. وأقول هذا.. ليس من واقع التصريحات والبيانات التي اعتاد الناس سماعها، بل استناداً لخطوات محددة وتشريعات.. صدرت بالفعل؛ لتشجيع الصناعات الصغيرة والمتوسطة على تقنين أوضاعها، وضبط دفاترها والاستفادة من ضريبة مخفضة وسهلة التقدير. والواضح أن في نية وزارة المالية انتهاج ذات المسار الإصلاحي.. بالنسبة للضرائب الأخرى تباعاً. 

ولكن استعادة الثقة ليست مسألة سهلة، ولا يكفي لتحقيقها حسن النوايا، أو صدور قوانين وقرارات تنفيذية. بل أمامنا مشوار طويل وصعب، تقع مسؤوليته على الطرفين. فمن حق المواطنين والمستثمرين ودافعي الضرائب.. التوجس من تجاربهم السابقة مع غموض السياسات، والمبالغة في التقدير، والتعنت في التحصيل. كما أنه من حق الجهات الضريبية.. التوجس من التهرب الضريبي، والدفاتر المضللة، والأنشطة غير المعلنة. 

وتبديد هذا التوجس المزدوج، واستعادة الثقة بين الطرفين.. قضية محورية لمستقبل التنمية الاقتصادية.  

فالضرائب ليست مجرد حصيلة مالية.. تجمعها الدولة من الناس والشركات، بل هي المصدر الأهم والأكبر لتمويل الخزانة العامة. وهي وسيلة الحكومة الرئيسية.. في تنفيذ سياساتها الاجتماعية. وهي العنصر الأكثر تأثيراً.. في جذب الاستثمار الوطني والأجنبي، وهي عنوان المواطنة الاقتصادية. 

لهذا فإن استعادة الثقة، واقتناع دافعي الضرائب بشعار «نقطة ومن أول السطر» – الذي رفعته وزارة المالية – تحتاج صبراً ومثابرة، وتفاهماً مستمراً بين الطرفين، وخطوات إصلاحية متتالية.  

واقتراحي هنا، أن تعمل الوزارة والمصلحة.. ليس فقط على المستوى التشريعي، وإنما تتبنيان – أيضاً – ثلاثة اتجاهات محددة: 

الأول: تقديم كل ما يدفع النشاط الاقتصادي والإنتاج والتشغيل.. على التحصيل الضريبي.  

والثاني: العمل على إغلاق كل ما يمكن من ملفات السنوات الماضية، حتى يتفرغ الناس والمستثمرون لأنشطتهم القادمة.. بدلاً من الانشغال بالماضي.  

والثالث: الحد من استخدام الإجراءات الاحترازية؛ كتجميد الحسابات والمنع من السفر.. لمن يكون على خلاف ضريبي مع الدولة، لأن الخلاف في حد ذاته ليس جريمة، ومن حق كل واحد أن يجادل فيما هو مستحق عليه.. دون أن يكون مهدداً في حريته أو في ماله. 

أما نحن، المواطنين، فعلينا واجب كبير جداً.. وهو إدراك أن كل شخص، أو تاجر، أو مقدم خدمة، أو صاحب مهنة حرة.. يتهرب من الضريبة، فهو لا «يضحك على الحكومة» وحدها، بل يسرق من مالنا ومن جهدنا، ومن حق أولادنا.  

فلا يوجد ما يستحق الإعجاب بشطارته، ولا السكوت عليه. بل يلزم رفضه، ومقاومته بكل شكل. 

وأخيراً، فالشكر للأستاذة رشا عبدالعال.. على حضورها، واستعدادها للمناقشة، والحوار بكل شفافية وحماس. وللدكتور أشرف العربي.. الذي أعاد لمعهد التخطيط القومي نشاطه، ودوره المتميز والمتوازن.. في مناقشة القضايا الاقتصادية والتنموية المهمة، التي تشغل الوطن والمواطنين. 

وفي انتظار مزيد من الإصلاحات الضريبية. 

نقلاً عن «المصري اليوم» 

شارك هذه المقالة