أغضب اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة الذي تم التوصل اليه بضغط أميركي، حلفاء بنيامين نتانياهو، ما يجعل ائتلافه هشا، لا سيما أنه لم يعد يتمتع بالأغلبية في الكنيست، فباتت عين رئيس الوزراء الإسرائيلي على الانتخابات المقبلة التي قد يسعى لأن تكون مبكرة.
ويهيمن نتانياهو، وهو رئيس الوزراء الأطول خدمة في هذا المنصب، على المشهد السياسي في إسرائيل منذ عقود، ويرأس أحد التحالفات الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل. لكنه لا يحظى حاليا إلا بأغلبية برلمانية نسبية بعد استقالة حزب “شاس” اليميني المتطرف من الحكومة في تموز/يوليو احتجاجا على فشلها في تمرير قانون يعفي اليهود المتدينين من الخدمة العسكرية.
وجاءت العطلة الصيفية في الوقت المناسب لحماية الحكومة من اقتراحات حجب الثقة التي لا تحظى الآن إلا بدعم 60 نائبا من أصل 120، لكن استئناف جلسات الكنيست في 20 تشرين الأول/أكتوبر قد يشكّل تهديدا جديدا محتملا للحكومة.
بعد أكثر من عامين من الحرب في قطاع غزة التي أشعلها هجوم حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، وافق نتانياهو، بضغط من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، على اتفاق وقف إطلاق النار مع الحركة الذي دخل حيز التنفيذ في 10 تشرين الأول/أكتوبر.
ندد حلفاؤه اليمينيون المتطرفون بشدة بالاتفاق، معتبرين أن الجيش يجب أن يحتفظ بالسيطرة على قطاع غزة بالكامل. وفيما يرفضون الخروج من الحكومة، يرفعون ثمن بقائهم فيها.
– حزيران/يونيو 2026؟ –
ويقول المحلّل المستقلّ مايكل هورويتز إن “الائتلاف أصبح ضعيفا بعد اتفاق وقف إطلاق النار”.
ويوضح لوكالة فرانس برس “بالنسبة إلى نتانياهو، لم يعد مهما الحفاظ على ائتلافه حتى النهاية بقدر ما هو تهيئة نفسه للفوز في الانتخابات المقبلة، على أمل أن يتمّ تقديم موعدها”.
وفي مقابلة تلفزيونية بثت في 18 تشرين الأول/أكتوبر، أعلن نتانياهو أنه سيترشّح لولاية جديدة في الانتخابات المقبلة، مؤكدا أنه سيفوز فيها.
ومن المفترض أن تنظم الانتخابات في تشرين الثاني/نوفمبر 2026، لكن نتانياهو الذي بلغ أخيرا عامه السادس والسبعين قد يدعو إلى انتخابات مبكرة، أو يضطر لإجراء انتخابات جديدة إذا انسحب حليف آخر لحزبه، حزب الليكود، من الائتلاف الحكومي.
وكان وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير هدّد بالتوقف عن التصويت مع الائتلاف إذا لم يطرح مشروع القانون الذي يدعو إلى “فرض عقوبة الإعدام على الإرهابيين” للتصويت عليه في الكنيست بحلول التاسع من تشرين الثاني/نوفمبر.
وبالإضافة إلى الاختلافات العقائدية مع شركائه في اليمين المتطرف الذين يدعون إلى استئناف الحرب في غزة، يتعرض نتانياهو أيضا لضغوط من حلفائه في حزب “شاس” الذي استقال وزراؤه من الحكومة دون الانسحاب من الائتلاف رسميا.
واقترح صحافيون إسرائيليون، من بينهم أميت سيغال المعروف بأنه مقرّب من نتانياهو، أن يكون شهر حزيران/يونيو 2026 موعدا لإجراء انتخابات مبكرة بمبادرة من رئيس الوزراء.
في هذا الوقت، يتعيّن على نتانياهو التغلّب على عقبات عدّة من أجل الاحتفاظ بالسلطة، ومن أبرزها مسألة الخدمة العسكرية لليهود المتشددين.
ويقول “شاس” إنه سيسحب دعمه ما لم يتم تضمين القانون الإعفاء من الخدمة العسكرية لليهود المتدينين، فيما يريد اليمين المتطرف والعديد من أعضاء حزب الليكود فرض التجنيد الإجباري على الجميع.
– الليكود يتصدّر الاستطلاعات –
إذا صمد وقف إطلاق النار، سيتعين على نتانياهو أيضا أن يجد حلولا لمرحلة ما بعد الحرب في غزة ترضي شركاءه في اليمين المتطرف.
ويطالب هؤلاء بالتصويت على ضمّ جزئي على الأقل للضفة الغربية المحتلة مقابل ما يعتبرونه التخلي عن غزة، وهو مشروع يعارضه الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشكل قاطع.
وأفادت صحيفة “كالكاليست” الإسرائيلية بأن الائتلاف الحاكم يخطط لإقرار قوانين بسرعة تمنحه فرصة أفضل للفوز في الانتخابات، وذلك في محاولة لتعزيز وحدته.
وتتضمن تلك القوانين خفض عتبة الأصوات اللازمة للتمثيل في البرلمان، وستكون هذه هدية واضحة لوزير المال بتسلئيل سموطريتش الذي لن يصل حزبه “الصهيونية الدينية” اليميني المتطرف إلى الحدّ المطلوب لذلك بموجب القانون الحالي، وفقا لاستطلاعات رأي مختلفة.
ومن بينها أيضا خفض سن التصويت إلى 17 عاما، ما من شأنه أن يعطي أفضلية من الناحية الديموغرافية للأحزاب المتشددة.
ومن المؤكد أن نتانياهو الذي يواجه محاكمة في قضايا فساد، سيعاد انتخابه زعيما لحزب الليكود في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر، بسبب عدم وجود مرشحين آخرين.
ورغم الاستياء الشعبي الكبير تجاه الحكومة، يبقى حزبه متصدّرا نوايا التصويت، وهو ما تعكسه كل استطلاعات الرأي.