عبدالله عبدالسلام
يعشق المصريون الثنائيات. يقارنون بينها. يخلقون حالة تنافس، بل ضغينة.
في الأدب، لم يتبق على ذكر الكبار المؤسسين سوى طه حسين والعقاد. سقطت أسماء عظيمة بالعشرات. في الغناء أم كلثوم وعبدالوهاب، وفي الصحافة مصطفى أمين وهيكل. وهكذا الأمر في شتى مجالات المعرفة والسياسة والاجتماع والفن والسينما. لا يتسع التفكير والنقاش سوى لاثنين فقط. إنها حالة ذهنية تُريح العقل.. عندما يتم اختزال تاريخ طويل من الإبداع والنهضة في ثنائيات، لا يتوقف «الصراع» حول من الأفضل.
كرة القدم ذروة الثنائيات. ليس هناك سوى الأهلي والزمالك. أندية أخرى حاولت أن تشغل حيزاً في اهتمامات الناس، لكنها فشلت. نشأت حول الناديين الكبيرين صناعة مربحة من الترويج والدعاية والإعلام والأغاني والأفلام.. ضمنت ألا يزاحمهما نادٍ آخر. صحفيون وإعلاميون ومسؤولون في الرياضة.. يروجون – بشكل عام – للمنظومة الثنائية. قرارات كثيرة يتم اتخاذها مراعاة للناديين وجمهوريهما. التعصب الرياضي المقيت.. الذي يهل علينا كثيراً، وتحيُّز بعض البرامج ومقدميها.. لهذا النادي أو ذاك، أصبحا حالة شبه دائمة يصعب علاجها.
الآن نشأت ثنائية جديدة؛ محمد صلاح وعمر مرموش – بعد انضمام الأخير لنادي مانشستر سيتي. أمامنا نجمان مصريان، خلفيتاهما الاجتماعية والتعليمية والجغرافية متباينة، يلعبان في ناديين متنافسين بالدوري الإنجليزي. كل عناصر التشويق والإثارة متوافرة. محمد صلاح – ينتمي إلى قرية «نجريج» بمحافظة الغربية.. في دلتا أو ريف مصر. البعض يقول «الفلاحين» – شق طريقه في الصخر، بداية من سفره اليومي إلى القاهرة للعب في نادي المقاولين، وحتى الصعوبات التي واجهته.. قبل أن يصبح أيقونة عالمية في عالم كرة القدم. مرموش المولود في «المعادي» – دخل مدارس أجنبية، وتدرب في أكاديمية «أرسنال» بنادى دجلة – أقام سنوات في كندا. لعب في ألمانيا وأبدع ثم «اختطفه» مانشستر سيتي.
بدلاً من أن ننظر إلى اللاعبين.. كنموذجين لمصر، التي تستطيع أن تنهض وتُبهر العالم.. إذا توافرت الظروف والإرادة والعمل الجاد، ركزت منصات التواصل، ومواقع صحفية.. على الاختلافات بينهما؛ جعلها البعض تنافساً «طبقياً».. «انتهى عصر نجريج، وابتدا عصر المعادي».. هكذا غرد أحدهم. بينما تحدث آخرون عن الفروق بين المعادي وقرى الريف والمناطق الشعبية.. «مرموش من أسرة ميسورة، بينما معظم لاعبي الكرة من أحياء شعبية».. غرد آخر.
هناك 3 لاعبين مصريين حالياً في الدوري الإنجليزي.. صلاح ومرموش وسام مرسي. البرازيل لديها 30، والبرتغال 26، وفرنسا 23، ونيجيريا 9، وكوت ديفوار وغانا.. ثمانية لكل واحدة منهما. ينتمي اللاعبون الأجانب بهذا الدوري إلى 31 جنسية. لماذا نستكثر على أنفسنا وجود 3 فقط.. بينهم نجمان كبيران؟
المفارقة، أن علاقة صلاح ومرموش غاية في الود والاحترام.. بين لاعب كبير وآخر شاب واعد.
مصر العظيمة يجب أن تحتفي بكل من يرفع اسمها عالياً. صلاح ومرموش.. يضيف كل منهما للآخر. هناك تنافس في إطار كروي متحضر، يجب ألا يتحول إلى تنابز.. بالخلفية الاجتماعية والجغرافية. آن الأوان للتوقف عن الثنائيات «المكروهة».
نقلاً عن «المصري اليوم»