قال المستشار الألماني فريدريش ميرتس إن السوريين لم يعد لديهم أسباب تبرر اللجوء في ألمانيا بعد أن انتهت الحرب الأهلية في بلدهم، وذلك في وقت يسعى فيه المحافظون إلى مواجهة صعود اليمين المتطرف قبل انتخابات محلية متعددة العام المقبل.
كانت ألمانيا هي الدولة الأوروبية التي استقبلت أكبر عدد من اللاجئين من الحرب الأهلية السورية التي استمرت 14 عاما بسبب سياسة الباب المفتوح التي اتبعتها المستشارة السابقة أنجيلا ميركل. ويعيش اليوم نحو مليون سوري في البلاد.
لكن ميرتس والعديد من زملائه المحافظين في حكومته الائتلافية يقولون إن الوضع تغير بعد سقوط حكومة بشار الأسد في ديسمبر كانون الأول الماضي وانتهاء الحرب، على الرغم من أن سوريا لا تزال تعاني من أزمة إنسانية كبيرة وأن الترحيل القسري سيواجه تحديات قانونية كبيرة.
* مواجهة حزب البديل من أجل ألمانيا
قال ميرتس مساء أمس الاثنين “لم يعد هناك حاليا أي أسباب للجوء في ألمانيا، وبالتالي يمكننا أن نبدأ أيضا في عمليات الإعادة إلى الوطن”، مضيفا أنه يتوقع عودة عدد من السوريين من تلقاء أنفسهم لإعادة إعمار البلاد.
وأضاف “بدون هؤلاء الأشخاص، لن تكون إعادة الإعمار ممكنة. أولئك الموجودون في ألمانيا الذين يرفضون العودة إلى البلاد يمكن بالطبع ترحيلهم أيضا في المستقبل القريب”.
يتقدم حزب “البديل من أجل ألمانيا” المنتمي إلى أقصى اليمين على المحافظين بزعامة ميرتس في استطلاعات الرأي قبل انتخابات الولايات الخمس العام المقبل.
وأطلق الحزب حملته الانتخابية على أساس برنامج يعادي المهاجرين، ويقول إن الإسلام لا يتوافق مع المجتمع الألماني.
تصدرت الهجرة باستمرار استطلاعات الرأي حول أهم مخاوف الألمان في السنوات القليلة الماضية، ويعتقد بعض الاستراتيجيين المحافظين المعروفين أن سياسة اللجوء المتشددة هي وحدها القادرة على مواجهة حزب البديل من أجل ألمانيا. ويدعو آخرون إلى تحدي حزب البديل من أجل ألمانيا بقوة أكبر.
حذرت الأمم المتحدة من أن الظروف في سوريا حاليا لا تسمح بعودة اللاجئين على نطاق واسع، إذ لا يزال حوالي 70 بالمئة من السكان يعتمدون على المساعدات الإنسانية، وهو ما ردده وزير الخارجية الألماني يوهان فايدفول خلال زيارته للبلاد الأسبوع الماضي.
ووصفت الزعيمة المشاركة في حزب البديل من أجل ألمانيا أليس فايدل ذلك بأنه “صفعة على وجه ضحايا العنف الإسلامي”، في إشارة إلى اعتقال سوري يبلغ من العمر 22 عاما في برلين يوم الأحد بتهمة التحضير لهجوم “جهادي” في أحدث سلسلة من الوقائع التي أججت المخاوف العامة بشأن الأمن والهجرة.
* العودة الطوعية
تدرس ألمانيا منذ عدة أشهر إمكانية ترحيل السوريين ذوي السوابق الجنائية، وقال ميرتس أمس الاثنين إنه دعا الرئيس السوري أحمد الشرع إلى زيارة ألمانيا لمناقشة هذه المسألة.
وتجري حاليا مناقشة سياسة الترحيل الأوسع نطاقا، والتي يفضل أن تكون طوعية.
وكان مئات الآلاف من البوسنيين عادوا من ألمانيا في أواخر التسعينيات من القرن الماضي بعد انتهاء الحرب هناك، وذلك عن طريق العودة الطوعية إلى حد كبير بسبب معرفتهم بأن تصاريح إقامتهم لن يتم تمديدها.
كانت البوسنة تتمتع بهيكلية سلام أوضح مما هو عليه الحال في سوريا اليوم، مع وجود مراقبة دولية. ومن المرجح أن تواجه ألمانيا تحديات قانونية إذا سعت إلى إعادة السوريين قسرا.
عاد حوالي ألف سوري فقط إلى سوريا بمساعدة اتحادية ألمانية في النصف الأول من العام الجاري. ولا يزال مئات الآلاف من السوريين في ألمانيا لا يحملون سوى تصاريح إقامة مؤقتة.