Times of Egypt

مواعيد ترامب!

M.Adam
عبدالقادر شهيب 

عبدالقادر شهيب

منذ أيام قليلة خرج علينا ترامب بتصريحات.. أعلن فيها أن الحرب في غزة – التي تتضمن جوعاً وموتاً – سوف تشهد نهاية جيدة وحاسمة.. في غضون أسبوعين أو ثلاثة. وبغضِّ النظر عن أن ما يراه ترامب جيداً، قد يُعد لدينا نحن العرب سيئاً؛ فهذه تُعد المرة الأولى.. التي يحدد فيها الرئيس الأمريكي موعداً محدداً، وقريباً جداً.. لنهاية تلك الحرب الوحشية. وليس موعداً لإبرام وتنفيذ صفقة لهدنة مؤقتة.. طالت أو قصرت، كما كان يفعل من قبل. 

والمثير للدهشة هنا، أن الرئيس الأمريكي حدد هذا الموعد القريب لنهاية الحرب، بينما هو قبلها أعلن دعمه لمشروع نتنياهو وحكومته.. للسيطرة على مدينة غزة، وترحيل سكانها إلى جنوب القطاع.. بالقرب من الحدود المصرية؛ أملاً في اقتحامهم هذه الحدود، واستيطانهم سيناء. وهذا المشروع يحتاج تنفيذه لأكثر من خمسة أشهر.. في تقدير رئيس أركان قوات الاحتلال! 

وهنا، لابد وأن تثور الشكوك في هذا الموعد.. الذي حدده ترامب لنهاية الحرب، وتذهب بنا هذه الشكوك، إلى أن ما قاله.. يستهدف احتواء الرفض العربي لمشروع نتنياهو؛ باحتلال كامل القطاع، وإخلاء مدينة غزة من سكانها.. البالغ عددهم نحو المليون نسمة. فكيف يدعم ترامب مشروعاً.. يحتاج تنفيذه طبقاً لتقديرات العسكريين الإسرائيليين عدة أشهر من العمل العسكري، بينما يحدد نهاية الحرب ببضعة أسابيع قليلة؟! 

وتزيد الشكوك أكثر.. في الموعد الذي ضربه ترامب لنهاية حرب غزة، أن مبعوثه للشرق الأوسط ويتكوف.. حدَّد موعداً مختلفاً، حينما صرَّح – بعد رئيسه – أن الحرب ستنتهي قبل نهاية العام! وإذا كان الرئيس الأمريكي ومبعوثه – الذي يشيد بمهارته وكفاءته – مختلفين في تقدير موعد نهاية حرب غزة على هذا النحو، فمن منهما نصدق؟! 

ثم إذا كان التوصل إلى صفقة مؤقتة.. متعثراً على النحو الذي نشاهده الآن، وإسرائيل تجاهلت الرد على المقترح المصري-القطري حتى الآن، فكيف سيتم التوصل إلى صفقة نهائية لإيقاف الحرب، والبون شاسع في المواقف بين حماس والفصائل الفلسطينية، وبين حكومة نتنياهو.. التي تتمسك – هي وأمريكا – بتصفية الوجود المسلح والإداري والحكومي والسياسي لحماس في القطاع، وتسليمها سلاحها. وهو ما ترفضه حماس وأعلنت ذلك؟! 

نعم، إننا مقتنعون بأن ترامب يقدر على إنهاء الحرب في غزة.. خلال ساعات، وليست أياماً؛ بتوجيه أوامر صارمة لنتنياهو.. بوقف إطلاق النار وسحب قوات الاحتلال من القطاع، وفتح كل المنافذ لتدفق المساعدات على أهله، وإنقاذهم من القتل الجماعي والتجويع الممنهج؛ كما فعل بوقف الصدام العسكري بين إسرائيل وإيران… ولكن الرجل يريد إنهاء الحرب بالشروط الإسرائيلية، التي تتيح لقوات الاحتلال السيطرة على القطاع عسكرياً، وتهجير أهله من أرضه. وهو لم يتوقف عن الادعاء أنهم إذا تركوا القطاع، سيجدون في المهجر حياة أفضل. 

إنه رجل أعمال، لا يريد التفريط في مشروع مربح جداً له، وهو مشروع الاستيلاء على أرض غزة، وتحويلها إلى ريفيرا الشرق.. للأثرياء، تدر عليه أرباحاً غزيرة. 

لذلك، لابد أن للرئيس الأمريكي غرضاً ما.. في الموعد القريب الذي حدده لنهاية حرب غزة. والأغلب، أنه أراد التخلص من الضغوط العربية، التي تكثفت على إدارته مؤخراً، وتهدئة خواطرنا لبعض الوقت.. حتى لا يقوم بما يتعين عليه القيام به، وهو توجيه الأوامر لنتنياهو لوقف تلك الحرب الوحشية. 

ولا بأس إذا حل الموعد الذي حدده ترامب.. ولم تنته الحرب. فهو يستطيع أن يقول إن المسؤول عن ذلك «حماس». 

ألم يفعل ذلك مراراً في مقترحات الهدنة المؤقتة كثيراً من قبل؟!

نقلاً عن «أخبار اليوم»

شارك هذه المقالة