Times of Egypt

«مهما كان هي ست»! 

M.Adam
أمينة خيري  

أمينة خيري 

معركة كلامية نشبت في مدخل عمارة، بين طبيبة أوقفت سيارتها في مكان اعتبره فرد الأمن غير مناسب، لأنه مخصص لـ«فلان باشا». الطبيبة – صاحبة العيادة في العمارة – قالت إن عليها أن تترك السيارة ساعتين.. لأنها تأخرت على مرضاها. تطور النقاش إلى مشادة، وتلفظ فرد الأمن بعبارات مثل «آدي الحريم كذا»، و«وهي الست دي مفيش راجل يلمها».. وغيرها، مما دفع الطبيبة للتصعيد وتهديده بتحرير محضر. 

الشابة.. التي تعمل في محل كوافير قريب، كانت شاهدة على ما جرى. حكت القصة، وألحقتها بـ «ما هو برضه ما كانش يصح الدكتورة تبهدله كده.. قدام باقي الرجال. مهما كان هي ست وهو راجل، له هيبة وكرامة». 

سألتها: وهل الست لا كرامة أو هيبة لها؟! ردت: لها طبعاً، بس مش زي الراجل! 

في تلك الأثناء، كنت أطالع أخبار وصور وزيرة التنمية المحلية منال عوض.. في جولتها في مصر الجديدة. تسير بثقة وسط مجموعة من الرجال.. من مسؤولي الوزارة، تتفقد الحجم المزري والمذهل من تعديات المقاهي والمحلات، وأصحاب البضائع.. على أرصفة الكوربة وشارع بغداد وميدان الإسماعيلية، وغيرها من مناطق القاهرة العظيمة الراقية.. ذات الطابع الخاص، التي تحولت إلى عشوائيات كاملة متكاملة. كانت تسير بثقة؛ تتفقد المكان، تتحدث مع الموجودين في المكان، وتتشاور مع المرافقين لها، ثم تُصدر التعليمات بتصحيح الأوضاع المعوجة، وإعادة الرصيف للمواطنين. 

وبعيداً عن العوامل المتوفرة في كل شارع في المحروسة.. لاستدامة العشوائية والفوضى، وهذا المقال ليس مخصصاً لذلك، ظل تعليق الشابة الكوافيرة على الطبيبة.. يرن في أذني: «مهما كان هي ست وهو راجل، له هيبة وكرامة». 

ها هي الوزيرة منال عوض تقود حملة – بدا تماماً أنها مفاجئة حتى لمسؤولي الحي «الأفاضل»، وغيرهم من الغارقين في السُّبات – التاركين مصر الجديدة وشوارعها نهباً للفوضى غير الخلاقة – وتحمل معها كرامتها وهيبتها؛ لا بحكم جنسها، ولكن من منطلق منصبها، وأسلوب أدائها لمهام هذا المنصب، الذي أراه ضمن أخطر وأصعب وأكثر المناصب الحكومية.. تعقيداً. 

هذا التناقض الرهيب بين ما تُنجزه نساء مصر – سواء الوزيرات والمديرات والعميدات، أو عاملات النظافة واليومية.. اللاتي يَعُلن أسراً بأكملها؛ برجالها الأشاوس المغاوير الصناديد، وبين نظرة ما في المجتمع – وللأسف أقول إنها نظرة قاعدة عريضة في المجتمع – للمرأة.  

«مهما كان هي ست».. عبارة تسيطر على عقول الملايين من النساء قبل الرجال. إنها المكانة التي لم تتغير بهذا التمكين الكبير للنساء.. عبر مناصب حيوية يشغلنها. 

أقولها وأجري على الله: ماذا تقول المدرسات – في الكثير من المدارس – للتلاميذ عن مكانة المرأة؟ وماذا يقول رجال الدين – في برامج تليفزيون الدولة – عن المرأة: ماذا ترتدي؟ وماذا تقول؟ وكيف تقوله؟ وهل يُسمح لها بالتنفس دون إذن وليها أم لا؟  

لماذا لا يردون على أصحاب أسئلة: هل المرأة إنسان كامل؟ برد واحد هو: اتقِ الله يا أخي؟! 

نقلاً عن «المصري اليوم» 

شارك هذه المقالة