وجيه وهبة
لطالما حذرنا في هذا المكان من خطورة الترويج لأفكار هذا الرجل ـ وأمثاله ـ على السلام الاجتماعي، والسلامة العقلية للمجتمع. ولكم حذرنا من سطوة أفكاره الرجعية المتطرفة وانتشارها. فهل عرفتموه؟
– هو رجل لا يجد غضاضة في لمز عقائد الآخرين.. شركاء الوطن، والسخرية منها.. على الملأ.
– هو رجل يرى وجوب قتل المسلم تارك الصلاة، إن لم يرتدع بعد استتابته 3 أيام.
– هو رجل حرَّم الغسيل الكلوي، ونقل وزراعة الأعضاء؛ بحجة ان ذلك يُعد تدخلاً في المشيئة الإلهية، وأن جسم الإنسان وأعضاءه ملك لله. (عندما مرض هو ذاته، سافر إلى الغرب، وسمح لغير المسلمين، غير مرة، بالتدخل فيما لا يملك.. أعضاؤه، التي هي ملك لله، وذلك للعلاج. وأيضاً لإجراء عملية لنقل عضو بصري.. «قرنية» من ميت.. لا يملك أعضاءه، لعين فضيلته الكليلة).
– رجل تبين آراؤه في المرأة.. عن احتقار مُزرٍ، فهي لا تخرج للعمل إلا للضرورة القصوى. أما مفهومه لتلك الضرورة، فهو: ألا يكون هناك عائل لها أو.. «الجوع»!! أما عن وظيفتها – ولم يعف لسانه عن ذكر ذلك على الملأ – فهي «مصرف لغرائز الرجل»!!
– رجل يبرر للزوج أن يضاجع «جاريته»، ويبرر: «فلما تجد الجارية سيدها يضاجعها.. لا تجد لربة البيت مزية عليها». رجل قال ـ ما يعني ـ ان للزوج أن يشك في بنوة أبنائه.. إذا كانت زوجته «غير مستورة.. غير محجبة».
– رجل يقر عقاب الزوج لزوجته.. بضربها. فما «الغرابة في أن يضربها من رأى عورتها». (على حد قوله).
– رجل ينادي بعدم تعليم البنات.. إلا إلى سن معينة مبكرة، ويحرم إلحاقهن بالمدارس المختلطة. (في إحدى زياراته لأمريكا، سأله أحد المصريين هناك عن أنه يريد أن يلحق ابنته بالمدرسة، ولا توجد سوى المدارس المختلطة، للبنات والبنين معاً، فماذا يفعل؟ فأجابه الشيخ ناصحاً: «ما توديهاش مدارس»!!).
– رجل يفسر ويشرح فرض الجزية.. على غير المسلمين (عن يد وهم صاغرون)، وطريقة دفعهم لها: «ييجي ماشي ويعطيها.. وهم واقفون، والمسلم يأخذ الجزية وهو جالس».. ويستطرد: «عملنا فيكم جميل وكنا نقدر نموتكم».
– رجل يقول إن العلماء والمخترعين غير المسلمين، الذين أفادوا الإنسانية، قد نالوا مكافآتهم عما قدموه، في الحياة الدنيا. أما عن نصيبهم من الآخرة، فهم في النار!!
– رجل يخاصم العلم، فيقول ان المنديل الورقي (الكلينكس)، هو أفضل وأفيد من الوصول إلى القمر. (وقصر عقله عن إدراك أنه.. لولا هذا العلم ـ الذي يسخر منه ـ لما استطاع أن يطل بسحنته وخواطره.. على الملايين حول العالم، فتزداد شهرته).
– رجل يحرِّض على السياحة، التي هي مصدر رزق للملايين، وذلك بتحريضه على ترك العمل بالأماكن التي تقدم الخمور. رجل يحض على ممارسة أعمال وحشية، مثل ختان الإناث، ورجم الزناة، وهي أعمال لم يرد بها نص في المصحف الذي بين يديه.
– رجل سجد لله شكراً.. بعد كارثة هزيمة 67. وبرَّر ذلك بانه لم يكن يريد لمصر أن تنتصر.. وهي في أحضان الشيوعية، وبأسلحة شيوعية. ولم يعتد بدماء وآلام عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى والمشوهين، واليتامى والثكالى.
– رجل امتدح تنظيم «الإخوان المسلمون»، وقال عنهم وعن مرشدهم «حسن البنا»: «كنتوا شجرة ما أروع ظلالها وأورع نضالها، رضي الله عن شهيد استنبتها، وغفر الله لمن تعجَّل ثمرتها». إنه الواعظ الشيخ «الشعراوي»، وهذا غيض من فيض «خواطره».
و«الشعراوي» هو – بلا شك – «ظاهرة» مستمرة.. على مدار أكثر من نصف قرن من الزمان وإلى يومنا هذا. «ظاهرة» ساهم في صنعها وشيوعها ـ بالإضافة إلى مواهبه الفذة ـ إرادة سياسية، عن عمد، أو غفلة سياسية، عن غير عمد، وذلك دون إدراك للعواقب الوخيمة في الحالين.
هو ظاهرة.. تعبر عن نوع من «الوعظ» الممجوج، والآراء السقيمة.. التي تخاصم العقل الرشيد والفطرة السليمة والذوق القويم. وعظ وتفسير وتأويل يتسم بالغلظة والتشدد والتطرف المستتر.
ولأن لدينا وفرة من «علماء» التطرف – هنا وهناك – وعادة ما يزايد المتطرفون بعضهم على البعض، فليس بغريب أن نجد واحداً من أهمهم وأكثرهم شهرة وتأثيراً، وهو «الشيخ الألباني»، يصف «الشعراوي» بأنه: «منحرف العقيدة، ولا يؤخذ منه العلم». ونقول إن «الدين السمح» بريء من جلافة كليهما، من «الشعروة» ومن «الألبنة».
وأخيراً، علينا ألا نخشى من إعمال العقل، ونقول لأنفسنا: «استفت قلبك.. استفت نفسك.. وإن أفتاك الناس وأفتوك».
تُرى، هل هناك أمل في أن يكف «المريدون» يوماً ما.. عن سباب كل من ينتقد بعضاً من «خواطر» «الذات الشعراوية»؟
في مجتمع تشبَّع من «تديين» المجال العام.. باسم الإسلام، وإلى حدِّ التخمة. في مجتمع يكتظ بالواعظين (الدعاة)؛ مجتمع «داعية لكل مواطن»، نصبح في أشد الحاجة إلى البحث عن مواهب التنوير العلمية والأدبية والفنية الجديدة.. عن «شوقي» جديد، «حافظ» جديد، «لطفي السيد» جديد، «سلامة موسى» جديد، «طه حسين» جديد، «عقاد» جديد، «إسماعيل مظهر»، «ريحاني»، «سيد درويش»، «أم كلثوم»، «عبد الوهاب»، «نجيب محفوظ»، «مشرفة»، «مجدي يعقوب»، «زويل».. إلخ.
أما إذا كان ولا بد من البحث عن المزيد من «المواهب».. «الدينية» الجديدة، فلتكن الأسوة الحسنة للباحثين.. هي من أمثال وعيار «محمد عبده»، «المراغي»، «مصطفى وعلي عبد الرازق»، «أبو زهرة»، «محمود شلتوت»، «الباقوري»، «سعد الدين الهلالي». مع حفظ الألقاب.
نقلاً عن «المصري اليوم»