Times of Egypt

من «الدفاع العربي المشترك» إلى «وحدة الساحات»!  

M.Adam
عبدالله عبدالسلام 

عبدالله عبدالسلام  

أحد مبررات نتنياهو.. للموافقة على اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان.. كسر ما يُسمَّى «وحدة الساحات»، وعزل حماس.. لتصبح وحيدة في مواجهة إسرائيل. عندما شنت الحركة هجمات 7 أكتوبر 2023، كانت رؤية قائدها الراحل يحيى السنوار.. أنه ستكون هناك معركة متعددة الجبهات ضد إسرائيل، تنطلق من غزة والضفة الغربية ولبنان والعراق وسوريا واليمن؛ أي أطراف محور المقاومة أو الممانعة.  

أمين عام حزب الله الراحل حسن نصر الله.. تحدّث – بعد هجمات حماس – عن استراتيجية وحدة الساحات، أي تنسيق قوى وميليشيات محور المقاومة.. عملياتها ضد إسرائيل، من أجل تطويقها بحلقة من النيران. 

بالفعل.. في 8 أكتوبر 2023، بدأ الحزب – إلى جانب قوات الفجر التابعة للجماعة الإسلامية اللبنانية، وفصائل فلسطينية تعمل من لبنان – الانخراط في عمليات ضد إسرائيلح طالت مواقع عسكرية ومستوطنات قريبة من الحدود من خلال إطلاق صواريخ وطائرات بدون طيار.  

حدث الأمر نفسه – وإن بوتيرة أقل – من الجولان السوري المحتل. كما قامت فصائل وميليشيات عراقية.. بإطلاق الصواريخ على القواعد الأمريكية في العراق وسوريا، وكذلك في العمق الإسرائيلي.  

أما الحوثيون في اليمن، فقد أطلقوا الصواريخ البالستية والطائرات بدون طيار، علاوة على مهاجمة السفن المتجهة لإسرائيل عبر البحر الأحمر. 

بدا الأمر، كما لو كانت هناك عدة جبهات.. تعمل في الوقت نفسه ضد إسرائيل، إلا أن تطورات الأحداث أكدت – كما قال قاسم قصير، الباحث اللبناني المقرَّب من حزب الله – افتقاد تلك الجبهات للتنسيق.  

كل فريق كانت له حساباته الخاصة، ولم يكن هناك تكامل أو اتفاق مسبق.. على عمل مشترك.  

وباستثناء عمليات حزب الله، لم تتسبب هجمات الحوثيين، أو الفصائل العراقية، أو تلك العاملة من سوريا.. بأضرار جدية لإسرائيل. كان الهدف إظهار التضامن.. وليس المشاركة الفعلية، فقد كانت إيران – التى ترعى وتمول تلك الفصائل – تخشى أن تؤدي المشاركة الفعلية.. إلى بدء حرب إقليمية كبرى تدخلها أمريكا إلى جانب إسرائيل، وتكون عواقبها وخيمة على طهران ومحور المقاومة. 

لم يكن هناك أيضاً مساندة شعبية.. لتورط تلك القوى في حرب مع إسرائيل. تيارات وأحزاب سياسية عديدة في لبنان.. رفضت بشدة مشاركة حزب الله، واتهمته بأخذ الدولة رهينة والتصرف بمفرده. الحكومة العراقية أكدت أن الدولة – وليس الفصائل – تحتكر قرار الحرب والسلم، وأن الدعم للقضية الفلسطينية.. يأتي عن طريق المساندة السياسية، والإدانة والاستنكار والوساطة. لكن التطور الأهم – الذي قد يطيح عملياً بوحدة الساحات – هو اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، الذي يفرض على حزب الله شروطاً.. تجعل استئناف العمليات ضد إسرائيل شبه مستحيل؛ على الأقل في المدى المنظور. كما أن جبهات المساندة الأخرى تراجعت هجماتها بشدة.. خلال الفترة الماضية. وحتى لو استمر بعضها في العمل، فإن تأثيرها يكاد يكون منعدماً. 

بعض الحكومات العربية.. في أضعف حالاتها، لدرجة أن هذه القوى والميليشيات.. انتزعت منها سلطة من أهم سلطاتها، وهي إعلان الحرب. مبرر تلك القوى أن حكوماتها تخلت عما التزمت به بمقتضى اتفاقية الدفاع العربي المشترك – الموقعة في الإسكندرية عام 1950 – والتي اعتبرت فيها أن أي عدوان على أية دولة عربية، عدوان على باقي الدول. بعد حرب أكتوبر 1973، لم يتم تنفيذ الاتفاقية ولو مرة واحدة؛ سواء خلال الاجتياح الإسرائيلي للبنان 1982، أو غزو العراق للكويت 1990. وحتى المشاركة العربية في حرب تحرير الكويت، جرت تحت مظلة التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.  

الخلافات السياسية والأيديولوجية العربية، سددت ضربة قاصمة إلى النظام الإقليمي العربي.. بكل مؤسساته واتفاقاته، بما فيها الدفاع العربي المشترك. المحاولات اللاحقة.. للاتفاق على حد أدنى من الترتيبات الأمنية المشتركة، لم تتكلل بالنجاح.  

لكن بعض الميليشيات والفصائل انتهزت هذا الغياب الرسمي، ووضعت نفسها مكان الدولة العربية. 

نقلاً عن «المصري اليوم» 

شارك هذه المقالة