Times of Egypt

ممرات غير آمنة.. أي تهديد مستقبلي لوسائط نقل الطاقة؟ (2-2)

M.Adam
عمار علي حسن

عمار علي حسن

تطرح قضية تهديد وسائط نقل الطاقة نفسها بشدة.. على ساحة السياسة الخارجية لبعض الدول المنتجة للنفط والغاز من زاوية، والعلاقات الدولية من زاوية ثانية؛ فعلى المستوى العام، تبين الممارسات السياسية السابقة.. أن هناك إدراكاً لحدوث انعكاس تلقائي.. لبعض الصراعات الداخلية نحو المجال الخارجي، وأن هناك ميلاً.. من قبَل بعض القوى الخارجية، للتدخل في الصراعات الداخلية لدول معينة، في حين تؤدي الصراعات الخارجية.. إلى تفاقم بعض المشكلات الداخلية، والعكس صحيح. وعلى المستوى الخاص، يلقي التنافس الدولي حول الثروات النفطية.. ظلالاً على بعض الصراعات الداخلية في دول معينة؛ حيث ترى القوى الكبرى أن تخفيف حدة هذه الصراعات – أو إخمادها – يزيد من فرصها في الحصول على الكميات التي تريدها.. من النفط والغاز الطبيعي، ويحمي هذه الثروة من مخاطر التعرض لآثار سلبية.. جراء تفاقم تلك الصراعات.

وفي وقت كنت أكتب فيه أطروحتي للدكتوراه.. عن «القيم السياسية في الرواية العربية»، وجدت نفسي مكلفاً – أثناء عملي في أحد مراكز الدراسات – بملف «النفط»، بعد استقالة خبير في هذا المجال، وحتى يعين خبير آخر. وقيل وقتها.. إنني قادر على الإلمام بهذا الملف في زمن سريع. وقضيت أسابيع أقرأ كل ما تقع عليه عيني حول النفط – وأنا سعيد بتوسيع مداركي – لاسيما أنني من المؤمنين بأن كل قرار – أو موقف أو حدث سياسي – لا بد أن يكون الاقتصاد خلفه، وهو ما تعلمناه مما تركه د. رفعت المحجوب وغيره من دراسات في «الاقتصاد السياسي»، واستمر اهتمامي بالملف بعدها عامين على الأقل.

كنت قبل هذا، مهتماً بدراسة «الجماعات والتنظيمات السياسية الإسلامية»، ومن حاصل النظر في قضية الطاقة، ومسألة هذه الجماعات.. ولد الكتاب الحالي: «ممرات غير آمنة» – الذي صدرت طبعته الأولى عن «مركز الخليج للأبحاث» عام 2006 – وها هي طبعته الثانية تصدر عن دار نفرتيتي بالقاهرة هذا العام (2025)..  بعد تحديث البيانات والأحداث والحوادث.

كانت وسائط نقل الطاقة.. هدفاً للجماعات اليسارية في أمريكا اللاتينية – في صراعها ضد السلطات الحاكمة – وبين التنظيمات الإسلامية المسلحة – تلك التي استهدفته أحياناً في بعض بلاد العرب والمسلمين – فهل يتسع هذا مستقبلاً؟ 

في الكتاب إجابة، أو مساعدة على التنبؤ بها.

وقد قسمت الكتاب إلى خمسة فصول؛ الأول عن «تأثير العنف والصراعات السياسية.. على معابر نقل الطاقة»، حيث توجد خمس حالات لأسباب الهجوم على وسائط نقل الطاقة هي: السعي فقط وراء الحصول على عوائد مالية، وصدى لحالات عنف مسلح وصراع داخلي، والوقوع تحت طائلة الحركات الانفصالية، واحتمالات تأثير النزاعات الإقليمية، والكيد للسلطة وإعلان المتطرفين عن وجودهم.

أما الفصل الثاني، فيتناول كيف يكون إيذاء الاقتصاد.. هدفاً أساسياً في بعض الأوقات والحالات للجماعات المتطرفة، وهي مسألة لا تقتصر على الطاقة بالطبع، إنما تمتد إلى مختلف الأنشطة الاقتصادية المعروفة. ليأتي بعد ذلك الفصل الثالث.. ليتناول تهديد المتطرفين لوسائط نقل الطاقة، وهل هي مجرد هواجس أم حقائق قائمة. ويهتم الفصل الرابع بنفط الخليج، واحتمالات تهديده من قبل الجماعات الدينية المسلحة، وتأثير ذلك على سوق النفط العالمية. وينتقل بنا الفصل الخامس.. إلى الوجه الآخر للمسألة بعنوان «من المتطرفين إلى القراصنة: طريق وعر أمام نقل الطاقة»، حيث لا يقتصر التهديد على تنظيمات وجماعات دينية أو غير دينية.. مسلحة، إنما أيضاً القراصنة في عرض البحار. وتعزز الظروف الإقليمية والدولية الراهنة.. احتمالات حدوث هجمات على وسائط نقل الطاقة.

في العموم – وللحيلولة دون أن تصبح الهجمات على منشآت النفط ووسائط نقله، من قبيل الحوادث المتكررة – فإن هناك حاجة ماسة إلى سياسات داخلية.. في الدول المنتجة للنفط والغاز الطبيعي من جهة، وسياسات دولية تتبعها الدول الكبرى المستهلكة للطاقة من جهة ثانية، تركز على معالجة ظاهرة «الإرهاب».. بأساليب غير قسرية؛ أي لا تعتمد على المواجهة العسكرية والقبضة الأمنية، بل تقضي على الأسباب التي قادت إلى احتقان بعض «الجماعات الإسلامية الراديكالية»، فراح بعضها ينازل الولايات المتحدة – بالتوازي مع معاداتها للأنظمة الحاكمة في بلادها الأصلية – وبعضها يعمل لحساب واشنطن نفسها.

وتقوم السياسات المحلية في الدول النفطية – التي من شأنها تقليل احتمالات مهاجمة وسائط نقل الطاقة – على عدالة توزيع المقدرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.. داخل الدول، وإقامة علاقات دولية على قاعدة من التفاهم والحوار، والمصالح المتبادلة، ومعالجة المشكلات المتفاقمة في العالم الثالث؛ سواء كانت اقتصادية-اجتماعية، تتعلق بالفقر والجهل والمرض، أو اقتصادية-سياسية، ترتبط بإقلاع الدول الكبرى عن استغلال الدول الصغرى اقتصادياً، والعمل في إطار المؤسسات الدولية على حل الصراعات الإقليمية والداخلية.. بطرق سلمية، ودون تحيز وإجحاف بحق بعض الدول؛ ما يدفع جماعات بداخلها، أو يقود تلك الدول نفسها، إلى اتخاذ مواقف متشددة، تنتهي إلى عنف وصراعات مسلحة، قد يطول أنابيب نقل النفط والغاز الطبيعي، باعتبارها من الأهداف الحيوية.

نقلاً عن «المصري اليوم»

شارك هذه المقالة