عبد القادر شهيب..
أولى الملاحظات.. هي الغياب غير المفهوم لعدد من القادة العرب، وإيفادهم مبعوثين لهم – مثل ولي العهد السعودي ورئيس دولة الإمارات ورئيس دولة الكويت ورئيس تونس ورئيس الجزائر – رغم أن رئيس الاتحاد الأفريقي ورئيس أنجولا.. حرصا على الحضور والمشاركة في القمة، وكذلك الأمين العام للأمم المتحدة؛ مع أن هذه القمة تأتي في ظروف بالغة الصعوبة.. ليس للفلسطينيين وحدهم، وإنما لكل العرب أيضًا.
والملاحظة الثانية.. هي قوة كلمة مصر – التي ألقاها الرئيس السيسي-فقد تمثلت هذه القوة في رفض العدوان الاسرائيلي المستمر.. الذي يتعرض له الفلسطينيين، ورفض تهجير أهل غزة من أرضهم، ورفض العدوان أيضًا على القدس والمسجد الأقصي، ورفض الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، والإصرار على إعادة تعمير غزة بدون إخلاءها من سكانها.
والإصرار كذلك.. على شق مسار سياسي، موازٍ لمسار إعادة تعمير غزة، يُفضي إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.. على أراضي الضفة وغزة، وعاصمتها القدس الشرقية.. إن هذه الكلمة تُعد عنواناً لعودة مصر لممارسة دورها القيادي في المنطقة.
وهذا تأكيد أيضاً بالخطة التي قدمتها.. لإعادة تعمير غزة، وأقرتها القمة لتصير خطة كل العرب. فهذه الخطة لا تقتصر فقط على تعمير غزة.. دون تهجير أهلها، وليست أيضاً خطة لغزة في اليوم التالي لإنهاء الحرب، وإنما هي خطة لمستقبل فلسطين كلها، وبالتالي لمستقبل المنطقة كلها.
والملاحظة الثالثة.. تتعلق بكلمات القادة المشاركين في القمة؛ فقد جاءت أبرزها كلمة الرئيس اللبناني صياغة ومضموناً.. فهي تضمنت العديد من الرسائل للبنانيين والعرب والعالم كله، وتتسق مع كلمته الأولى، بعد اختياره من من قبَل مجلس النواب اللبناني رئيساً للبنان.
وأهم هذه الرسائل؛ أنه لبناني مائة في المائة، وعربي أيضاً مائة في المائة، وأن قضية فلسطين.. ليست قضية جماعة أو جماعات، وإنما هي قضية كل العرب كلهم. أما الذين لم يتحدثوا في القمة، فقد كان أبرزهم أمير قطر.. رغم أن بلاده أحد الوسطاء في مباحثات إتفاق غزة، وممثل رئيس دولة الإمارات العربية أيضًا.
والملاحظة الرابعة.. تتمثل في أن كل المتحدثين – في الوقت الذي رفضوا فيه مشروع ترامب الخاص بتهجير أهل غزة إلى مصر والأردن، لإعادة تعميرها – حرصوا على عدم الهجوم عليه، بل إن بعضهم شكره.. على جهده في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، والبعض الآخر أشار إلى أنهم يحتاجون لدوره.. في التوصل للحل السياسي للقضية الفلسطينية الذي يستند على حل الدولتين.
ولعل ذلك يشير إلى أن القادة العرب – في قمتهم – تفادوا الصدام المباشر مع الرئيس الأمريكي، ربما استفادة مما شهدناه في لقاء زيلينسكي به، وإن كانوا جميعاً رفضوا مشروعه بتهجير أهل غزة إلى مصر والأردن.
والملاحظة الخامسة.. تتمثل في أن الرؤية المصرية لحل القضية الفلسطينية.. نالت تأييداً أفريقياً من قبَل رئيس الاتحاد الأفريقي، وأوروبياً من قبَل رئيس المجلس الأوروبي، وعالمياً من قبَل الأمين العام للأمم المتحدة..
وهذا يُبين أن ثمة رفضًا للمخططات الإسرائيلية – المدعومة من إدارة ترامب حتى الآن – وننتظر أن تراعي ذلك واشنطن، وتوقف دعمها السياسي والعسكري للاحتلال الإسرائيلي.
أما الملاحظة السادسة.. فهي اعتماد الخطة المصرية لتعمير غزة بالإجماع، وهو ما يعني أن هناك رفضاً عربياً شاملاً لمشروع ترامب.. الخاص بتهجير أهل غزة، واستيلاء أمريكا عليها.. لتحويلها إلى ريفيرا الشرق. وإذا كان الرفض المصري والأردني لهذا المشروع، قد أدى إلى تراجع ترامب، وإعلانه أنه لن يفرضه، فإن هذا الإجماع العربي على رفض تهجير أهل غزة.. سيضغط على ترامب يسحب مشروعه؛ خاصة أن للعرب الآن مشروعهم لتعمير غزة دون طرد أهلها من أرضهم.
والملاحظة السابعة والأخيرة..تتمثل في أن البيان الختامي حقق الهدف المزدوج من عقد هذه القمة، وهو – من ناحية – إجماع العرب على رفض تهجير أهل غزة.. من أجل تعميرها. ومن ناحية أخرى، إعتماد عربيللخطةالمصرية لتعمير غزة بدون تهجير أهلها.
لكن البيان اكتفى بالإشارة إلى إقناع أمريكا – والقوى المؤثرة في العالم – بالخطة المصرية.. التي صارت عربية، ولم يتضمن أي إجرءات أو خطوات عربية مرتقبة.. إذا ما رفضت الإدارة الأمريكية الخطة العربية.. رداً على رفض العرب لخطة ترامب، خاصة أن تهجير الفلسطينيين أحد أهداف اليمين الاسرائيلي المتطرف منذ زمن طويل، وهو يعتقد أن الفرصة باتت مواتية لتحقيقه.
نقلاً عن «فيتو»