ذكرت سلطات الصحة في غزة أن هجوما إسرائيليا بالقرب من نقطة لتوزيع المساعدات تديرها مؤسسة غزة الإنسانية أدى إلى مقتل 31 شخصا على الأقل اليوم الأحد، في الوقت الذي تبادلت فيه حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) وإسرائيل الاتهامات بعرقلة الجهود الرامية لوقف إطلاق النار.
ويشكل الهجوم الذي وقع في رفح بجنوب غزة أحدث حلقة في سلسلة من الوقائع التي تسلط الضوء على الوضع الأمني المضطرب الذي يعقّد عملية توصيل المساعدات في غزة، بعد أن خففت إسرائيل الشهر الماضي حصارا استمر قرابة ثلاثة أشهر على القطاع.
وقال مسعف يدعى أبو طارق في مجمع ناصر الطبي في خان يونس بالقرب من موقع الهجوم “في شهدا، في إصابات، إصابات متعددة. الوضع كارثي في المكان هذا. أنصحهم ولا واحد يروح (إلى نقاط توزيع المساعدات). بيكفّي خلاص”.
وقال الهلال الأحمر الفلسطيني، التابع للصليب الأحمر الدولي، إن فرقه الطبية انتشلت جثث 23 فلسطينيا وعالجت 23 مصابا آخرين بالقرب من موقع لتوزيع المساعدات في رفح. وتدير مؤسسة غزة الإنسانية، المسجلة في الولايات المتحدة، مواقع توزيع المساعدات في رفح.
وذكر الهلال الأحمر أيضا أن 14 فلسطينيا آخرين أصيبوا بالقرب من موقع منفصل لتوزيع المساعدات في وسط غزة. وتدير مؤسسة غزة الإنسانية ذلك الموقع أيضا.
وكانت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا) ووسائل إعلام تابعة لحماس قد ذكرت في وقت سابق أن الهجوم أسفر عن مقتل 30 شخصا.
ونقلت وكالة وفا عن مصادر محلية قولها “قوات الاحتلال أطلقت النار بشكل مباشر على المئات من المواطنين أثناء محاولتهم الوصول إلى نقطة توزيع مساعدات في مواصي رفح، ما أسفر عن استشهاد 30 مواطنا على الأقل وإصابة 115 آخرين”.
وقالت سلطات الصحة في غزة إن جثث 31 شخصا على الأقل وصلت إلى مجمع ناصر الطبي.
وذكر الجيش الإسرائيلي في بيان أنه يحقق في التقارير التي تفيد بتعرض فلسطينيين لإطلاق نار بالقرب من موقع لتوزيع المساعدات، لكنه ليس على علم بوقوع أي إصابات ناجمة عن نيران الجيش. ونفت مؤسسة غزة الإنسانية مقتل أو إصابة أي أشخاص بالقرب من موقع توزيع المساعدات الذي تديره في رفح، مؤكدة أن جميع عمليات التوزيع جرت دون مشاكل.
واتهمت المؤسسة الأمريكية حماس بإطلاق “تقارير كاذبة”.
وقال سكان ومسعفون إن جنودا إسرائيليين أطلقوا النار من على الأرض على رافعة قريبة تُطل على موقع توزيع المساعدات في رفح، وإن دبابة أطلقت النار على آلاف الأشخاص الذين كانوا في طريقهم للحصول على مساعدات من الموقع.
وأظهرت لقطات لرويترز سيارات إسعاف تنقل مصابين إلى مجمع ناصر.
وقال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة الذي تديره حماس إن إسرائيل حولت مواقع التوزيع إلى “مصائد موت” للمواطنين الذين يسعون للحصول على المساعدات.
وأضاف “إننا نؤكد للعالم أجمع أن ما يجري هو استخدام ممنهج وخبيث للمساعدات كأداة حرب، توظف لابتزاز المدنيين الجوعى وتجميعهم قسرا في نقاط قتل مكشوفة، تدار وتُراقب من قبل جيش الاحتلال وتُموّل وتغطى سياسيا من الاحتلال والإدارة الأمريكية، التي تتحمل المسؤولية الأخلاقية والقانونية الكاملة عن هذه الجرائم”.
وقالت رضا أبو جازر إن شقيقها قُتل بينما كان ينتظر لاستلام الطعام من مركز توزيع مساعدات في رفح. وأضافت بينما تجمع فلسطينيون لأداء صلاة الجنازة إنه يتعين أن “يوجفوا هذه المجازر، يوجفوا الإبادة هادي. بيبيدوا فينا، جاعدين بيموتونا”.
وقال عرفات صيام إن شقيقه غادر الساعة 1100 مساء الليلة الماضية لاستلام الطعام لزوجته وأطفاله الثمانية من نفس مركز التوزيع في رفح. واتهم صيام الجيش الإسرائيلي بقتل شقيقه قائلا “حرام اللي بيسووه هذا”.
مؤسسة غزة الإنسانية مدعومة من الحكومتين الأمريكية والإسرائيلية، وتقدم مساعدات إنسانية في القطاع، دون مشاركة من منظمات الإغاثة التقليدية. وبدأت عملها في غزة الشهر الماضي، ولديها ثلاثة مواقع حصل الآلاف على مساعدات منها.
وتعرضت المؤسسة لانتقادات واسعة من المجتمع الدولي، إذ قال مسؤولون في الأمم المتحدة إن خططها الإغاثية لن تؤدي إلا للتهجير القسري للفلسطينيين وإثارة المزيد من العنف.
واستقال المدير التنفيذي للمؤسسة في مايو أيار، عازيا ذلك إلى ما وصفه بافتقارها للاستقلالية والحياد. ولم يتضح بعد من الجهة التي تمول المؤسسة.
ويقول مسؤولون إسرائيليون إنه سيتم إجراء تدقيق بشأن الفلسطينيين الذين يتلقون المساعدات لاستبعاد أي شخص مرتبط بحماس.
* تعثر محادثات وقف إطلاق النار
حدثت واقعة اليوم الأحد في الوقت الذي تبادلت فيه إسرائيل وحماس الاتهامات بعرقلة محاولة وساطة عربية وأمريكية جديدة للتوصل لاتفاق على وقف مؤقت لإطلاق النار والإفراج عن رهائن إسرائيليين تحتجزهم الحركة الفلسطينية في غزة، مقابل فلسطينيين محتجزين في سجون إسرائيل.
وقالت حماس أمس السبت إنها تسعى لإدخال تعديلات على مقترح مدعوم من الولايات المتحدة لوقف إطلاق النار، لكن ستيف ويتكوف مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قال إن رد حماس “غير مقبول على الإطلاق”.
وقالت الحركة الفلسطينية المسلحة إنها على استعداد للإفراج عن 10 رهائن أحياء وتسليم 18 من جثث الرهائن مقابل فلسطينيين محتجزين في السجون الإسرائيلية. لكن حماس كررت مطالبها بإنهاء الحرب وانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة، وهي شروط ترفضها إسرائيل.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن الحكومة وافقت على مقترح ويتكوف.
وبدأت إسرائيل حملتها العسكرية في غزة ردا على هجوم قادته حماس على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023، والذي أسفر عن مقتل 1200 شخص معظمهم مدنيون، وفقا للإحصاءات الإسرائيلية، واقتياد 251 رهينة إلى غزة.
وقتلت الحملة الإسرائيلية ما يزيد عن 54 ألف فلسطيني ودمرت مساحات واسعة من غزة بما في ذلك معظم المباني في القطاع ودفعت معظم السكان للنزوح والعيش في مخيمات مؤقتة. ويقول مسؤولو الصحة في غزة إن معظم القتلى مدنيون، إلا أن عدد القتلى من المسلحين لا يزال غير واضح.