Times of Egypt

مصر وفرنسا!

M.Adam
د. أسامة الغزالي حرب  

د. أسامة الغزالي حرب

لم أستغرب أبداً الحفاوة التي قابل بها المواطنون المصريون الرئيس ماكرون في مرافقته للرئيس السيسي في خان الخليلي!
فأنا كمواطن ـ مصري أشعر بامتنان خاص لفرنسا والفرنسيين! وكنت أتمنى أن أتقن اللغة الفرنسية، ولكنني أنتمي إلى جيل الستينيات الذي حُرم من تعلمها، عقب العدوان الثلاثي على مصر في 1956.
وهناك أسباب أساسية لذلك الامتنان؛ في مقدمتها الدور الرئيس.. الذي لعبه الفرنسيون في كشف الحضارة المصرية القديمة، خاصة الشاب العبقري جان فرانسوا شامبليون (الذي بدأ جهده ذلك منذ كان في السادسة عشرة من عمره!)، كذلك أقرانه من الجنود والباحثين الذين رافقوا حملة نابليون على مصر فى 1798، الذين لفت نظرهم «حجر رشيد»، فتفرَّغ شامبليون لفك رموزه، ليفتح الباب واسعاً لقراءة وفهم اللغة الهيروغليفية المصرية القديمة، قبل أن يموت في الواحدة والأربعين من عمره!
وهناك أيضاً الجهد البحثي الرائع لعلماء وباحثي الحملة الفرنسية، الذي تجسَّد – بوجه خاص – في الكتاب الفريد الشامل «وصف مصر»، (الذي رأيت بنفسي نسخة أصلية منه في منزل أستاذي العزيز الراحل د. بطرس بطرس غالي، قبل أن يسلمه لدار الكتب والوثائق القومية).
ثم.. ألم تكن فرنسا هي المقصد الأساس، الذي أرسل إليه محمد علي باشا نخبة شباب مصر للتعلم فيها، الذين قدَّر عبدالرحمن الرافعى نسبتهم بـ 72% من جملة المبعوثين لأوروبا في ذلك الوقت، والذين كتب بشأن بعثتهم تلك.. مرافقهم الصعيدي الأزهري النابه، رفاعة الطهطاوي.. كتابه الرائع «تخليص الإبريز في تلخيص باريز»؟.. ولا أعتقد أن تلك المعاني كانت غائبة عن المواطنين المصريين العاديين، الذين رأينا صورهم فيالصحف.. وهم يرحبون بصدق وتلقائية بالرئيس ماكرون، في شوارع خان الخليلي، ومقهى نجيب محفوظ.
إنها – في تقديري – ترجمة واضحة ومباشرة للحس الحضارى المصري، لقوة الرابطة الثقافية.. قبل أي عنصر آخر، بين مصر وفرنسا!
نقلاً عن «الأهرام»

شارك هذه المقالة