Times of Egypt

محاربة اليمين باليمين؟ (6) 

M.Adam
أمينة خيري  

أمينة خيري 

في مسألة التطرف والتعصب، خلصنا في المقال السابق إلى ما كتبه الأستاذ الدكتور وائل لطفي في رسالته.. من أن محاولة تغيير أفعال التطرف وأفكاره، دون التطرق إلى أصولها.. قلما تنجح؛ إذ تعاود الجذور الفكرية بث سمومها.. مع تواتر الأجيال.  

وبعد فهم آليات هذا الفكر وكيف يعمل، على المهتمين بمواجهة التطرف تفنيد وتفكيك هذه الأفكار والضلالات الفكرية، مع التركيز على مسؤولية الفرد الشخصية.. عن أفكاره ومعتقداته، بدلاً من حكاية أن «شيخي» أو «أميري» أو «قائدي» أو «زعيمي».. هو المسؤول عني، ثم دمج كل ما سبق.. ليكون جزءاً لا يتجزأ من المحتوى الدراسي والإعلامي باستمرار، وليس محتوى موسمياً، أو كرد فعل على حدث أو واقعة ما. 

وبهذه المناسبة، أشير إلى أنه ليس من المعقول أو المنطقي أو المقبول.. أن أُوكل إلى من كان سبباً في تطرف العقول، أو إلى ما كان سبباً في ذلك، مهمةَ مواجهة التطرف، ومحاربة التشدد. فهناك مثلاً بعض الأحزاب السياسية اليمينية.. المتطرفة بحكم أيديولوجيتها، أو الجماعات العنصرية.. القائمة على التطرف لصالح عرق بعينه، أو حتى مؤسسات أو مجموعات دينية.. تعتنق التطرف منهجاً، دون أن تعلن عن ذلك، بل ربما تعتقد – أو تروج – أنها سيدة الوسطية، ونبراس التسامح، ونهر الانفتاح وقبول الآخر. لكنها جميعاً.. فاعل رئيسي؛ إن لم تكن المتهم الرئيسي المتسبب في استدامة صناعة التطرف.  

فهل يُعقل أن يُطلب منها مواجهته ودحره فى منبته؟ 

هل يمكن أن نتوقع من حزب يميني.. قائم على رفض المهاجرين واللاجئين، وكراهية الأجانب، ويعتمد في برنامجه.. على فوقية لون أو عرق بعينه، أو على الشعبوية.. القائمة على فكرة الارتداد إلى الداخل، مثلها مثل الفكر السلفي مثلاً؛ القائم على التشبث بالماضي، واعتبار الحاضر كفراً وانحلالاً، وأن المجتمع المسلم لا يستوى.. إلا إذا سار عكس اتجاه عقارب الساعة، بالإضافة إلى تنميط الآخر؟ فالأحزاب اليمينية المتطرفة غالباً تتخذ موقفاً معادياً من المسلمين، يقوم على تنميطهم.. باعتبارهم جميعاً إرهابيين أو رجعيين.  

فهل نتوقع من مثل هذا الفكر.. أن يواجه التطرف، ويجابه التعصب، ويحارب التشدد؟ 

وللعلم فقط.. والإحاطة، يعتقد البعض أن مصطلح «اليمين المتطرف».. حكر على دول غربية، صعد فيها هذا التيار القبيح المعادي للإسلام والمسلمين. هذا البعض – غالباً – لا يعتبر جماعات الإسلام السياسي؛ سواء الكامن منها تحت الأرض، أو تلك التي صعدت إلى سدة الحكم، أو التي ما زالت في مرحلة الانتشار الشعبي والجماهيري.. عبر الدروس والمحاضرات، أو الجرعات المصورة عبر «تيك توك» و«إنستجرام»، وغيرهما من منصات السوشيال ميديا، أو حتى تلك التي نجحت – منذ سنوات – في التسلل إلى قطاعات المؤسسات الرسمية بهدوء، وآخذة في التمدد والتوسع.. تحت راية «نشر الأخلاق» و«الدعوة بالحسنى» – يميناً متشدداً، لكنها فعلياً كذلك.  

كل ما هو قائم على الفوقية، واعتبار الذات وحدها.. الحق، وكل ما عداها عاصٍ وآثم، أو درجة ثانية، هو يمين متطرف. 

وللحديث بقية. 

نقلاً عن «المصري اليوم» 

شارك هذه المقالة