Times of Egypt

مجلس النواب… بيت الشعب؟ أم بيت المصالح؟

M.Adam

عمر إسماعيل 

قبل أن يخرج علينا أصحاب الوطنية المصطنعة، وأهل التطبيل والتزمير، أود أن أقر من البداية.. أن هذا ليس هجومًا ولا تصفية حسابات، بل هو كلمة نابعة من ألم شديد  وحبٍ حقيقي لوطني الام  مصر.

إنها رغبة في الإصلاح، لا رغبة في الهدم. وإيمان بأن النقد من أجل الوطن.. ليس خيانة، بل واجب على كل من يحب هذا البلد ويخشي عليه.

لقد صار مؤلمًا أن نرى مجلس النواب – الذي يُفترض أنه بيت الشعب – وقد ابتعد كثيرًا عن أبناء الشعب.. الذين انتخبوه. المواطن البسيط.. لم يعد يشعر أن هناك من يتحدث باسمه، أو يدافع عن حقوقه. يرى مجلسًا يعيش في عالمٍ آخر، تغمره الامتيازات والمكافآت، في وقتٍ يعاني فيه الشعب من الغلاء وضيق الحال.

الوثائق الرسمية لموازنة مجلس النواب للعام المالي 2025-2026 تكشف بوضوح.. أن المكافآت والبدلات زادت أربع مرات.. على مدى السنوات الأربع الماضية. أربعة أضعاف! 

وفي المقابل، لم تتجاوز زيادة رواتب العاملين بالدولة، وأصحاب المعاشات 15%. 

فأين العدالة؟ وكيف يُطلب من المواطن أن يتحمل أعباء المعيشة، بينما من يُفترض أنهم ممثلوه.. يضاعفون مخصصاتهم و مزاياهم.. بلا حساب ولا رقابة؟

الأدهى من ذلك، أن هناك نوابًا لا يحضرون الجلسات أصلًا، ومع ذلك تُصرف لهم مكافآتهم كاملة.

خذ علي سبيل المثال، رئيس البرلمان السابق الدكتور علي عبد العال، الذي لم يحضر جلسة واحدة طوال أربع سنوات، ومع ذلك تقاضى ملايين الجنيهات.. مكافآت وبدلات. 

فأين القانون واللوائح ؟ وأين المحاسبة؟ وكيف نثق في مجلسٍ لا يطبّق لوائحه على نفسه؟

ويخرج بعض النواب ليقولوا: إنهم يدعمون الدولة. وكأن الدولة.. كيانٌ منفصل عن الشعب!

لكن الحقيقة.. أن الدولة هي الشعب، ومن يدعم الدولة حقًا، هو من يقف بجانب الشعب، لا من يصمت على الخطأ.

النائب الحقيقي.. لا يثبت وطنيته بالتصفيق في الجلسات، بل بالدفاع عن المواطن.. حين يُظلم. وبالرقابة الجادة.. حين يُهدر المال العام.

والقانون  واللوائح نفسها واضحة: من يتغيب دون إذن، يفقد مكافأته. لكن الواقع يقول.. إن الغائب يُكافأ. 

فإذا كان مجلس النواب – وهو بيت التشريع – لا يلتزم بلوائحه، فكيف نطالب الشعب باحترام القانون؟

إن الأزمة الحقيقية ليست في الأرقام، بل في الفكرة.

فالمجلس – الذي وُجد ليكون صوتا للشعب – صار في نظر كثيرين.. نادٍ مغلق، لأصحاب النفوذ والمصالح الخاصة.

الكرسي أصبح غاية، والمصلحة الشخصية.. صارت أهم من الواجب الوطني.

وما يزيد الألم، أن كل ذلك يحدث تحت شعاراتٍ براقة.. عن “الوطنية” و”الاستقرار”، بينما الحقيقة أن الوطن يُستنزف.. من الداخل.

بإيمانٍ تام..  بأن الإصلاح لا يأتي من الخارج، بل من داخل المؤسسات؛ حين تمتلك الشجاعة.. لتصحيح مسارها.

مجلس «الشعب».. يجب أن يكون في اسمه، ومعناه.. بيتًا للشعب، لا عليه. بيتًا تُسمع فيه أصوات البسطاء، لا صدى مصالح الكبار.

وحب الوطن.. لا يُقاس بالشعارات ولا بالأغاني، بل بالصدق مع الناس، وبالغيرة على الحق، وبالشجاعة في قول كلمة الحق.

… ما أكتبه اليوم ليس نهاية، بل بداية لمشوارٍ طويل من الإصلاح، والنقد البنّاء.. بمناسبة الانتخابات البرلمانية الجديدة التي بدأت.

وسأعود قريبًا – إن شاء الله – لأواصل الحديث.. عن كيف يمكن أن نعيد للمجلس احترامه، وثقة الشعب فيه.

فالوطن يستحق مجلسًا ينهض به، لا مجلسًا يزيد أوجاعه.

ولنا عودة، إن شاء الله.

شارك هذه المقالة