Times of Egypt

ما بعد القمة

M.Adam
زياد بهاء الدين 

زياد بهاء الدين..

رغم نجاح القمة العربية تنظيمياً، وخروجها ببيان قوي وخطة عربية بديلة، إلا أن محصلتها النهائية غير واضحة المعالم؛ لأنها:
(1) تأخرت وتأجلت أكثر مما كان ينبغي، مع أنها المفروض «طارئة»، ما أعطى انطباعاً مبدئياً بأن أثرها سيكون محدوداً.
(2) جاء حضورها قاصراً.. بغياب قيادات عربية مهمة، ما أكد أنها لا تستند لإجماع وترابط كافيين.
(3) أعلن كل من إسرائيل والولايات المتحدة رفضهما الخطة الصادرة عنها.. فور صدور البيان الختامي، ما رسَّخ في الأذهان أنها لن تكون أساساً للتقدم.
مصر – من جانبها – قامت بما يلزم، وعملت «الواجب وزيادة»؛ فلم تبخل بالنشاط الدبلوماسي المكثف في الأسابيع الماضية، ولم تتأخر عن الدعم السياسي، ولا عن العمل لإنجاح مفاوضات تجديد وقف إطلاق النار. كذلك فإن نشاطاً موازياً- لم نعهده من زمن طويل – جرى تنسيقه من مجموعة من السياسيين المخضرمين؛ بقيادة السيد عمرو موسى، ومشاركة السادة منير عبد النور وعمر مهنا والدكتور حسام بدراوي.. وربما آخرين (نُشر عنه باقتضاب، ولكن لم يحظ بتغطية إعلامية كافية).. للسفر إلى واشنطن، ومساندة الموقف العربي من منظور مستقل. بالطبع لم يكن متوقعاً منه أن يخرج بنتائج ملموسة، ولكنه أضاف للزخم المصري، وأكد أن هناك إرادة حكومية ومستقلة.. متحدة وراء ضرورة البحث عن حل عادل وطويل الأمد لقطاع غزة والقضية الفلسطينية.. خارج إطار «ريفييرا الشرق» المطروح من الرئيس الأمريكي.
الجامعة العربية – مؤسسياً – لم تتأخر بدورها.. عن القيام بواجبها، وعن إتاحة الفرصة لتوحيد الموقف العربي وراء خطة بديلة.
ولكن الأوراق ليست كلها- ولا معظمها- في يد مصر، ولا مجموعة من الدول، ولا جامعة الدول العربية. بل هناك معطيات رئيسية لم تتوافر، لا أظن أن التقدم ممكن في غيابها.
أولها: أن يكون الصف العربي متحداً بالفعل، ومجتمعاً على ثوابت وأسس الحفاظ على الحق الفلسطيني، والتعاون العربي المشترك. وبرغم أن بيان قمة القاهرة صدر بإجماع الحاضرين، إلا أن الفجوات والخلافات لا تزال بادية، والمشهد العام لا يعبر عن التضامن العربي الذي يستحقه الموقف التاريخي والعصيب الراهن.
الأمر الثاني: أن الشعب الفلسطيني- صاحب القضية الأصلي- لا يزال يعاني من غياب التمثيل السياسي.. القادر على مواجهة العالم بندية وشرعية واحتراف وبتجرد عن المصالح الشخصية.
هذه الصفات الأربع لا تتوافر في المتحدثين حالياً باسم الشعب الفلسطيني؛ (أ) لا حكومته التي لا تزال مصرة على أنها ممثله الشرعي والوحيد. (ب) ولا تنظيم «حماس» – الذي لا يوجد غيره على الأرض – يتمتع بالقبول الدولي ولا بالإجماع العربي، وقد لا يكون حتى الإجماع الفلسطينى. (ج) القيادة الفلسطينية البديلة – التي لا تزال في السجون الإسرائيلية – غير مسموح لها بالمشاركة.
أما الأمر الثالث: فهو أن الخطة العربية البديلة، قد يكون فيها تصور تنفيذي لإعادة إعمار غزة وتجديد البنية التحتية للقطاع- وهذا جهد محمود- ولكنها غير واضحة المعالم فيما يتعلقبالإطار السياسي والاقتصادي والمجتمعي اللازم لتحقيق ذلك، وإعادة الإعمار لا يمكن أن تكون مجرد بناء وإسكان ومقاولات.. دون وجود تصور سياسي واقتصادي مستدامين.
القمة حدثت، والبيان صدر، والخطة العربية أُعلنت، والجهد المصري يجب أن يكون محل تقدير. ولكن المسافة بين كل هذا، وبين تقديم تصور عربي.. يفرض نفسه، ويجبر الأطراف كلها على التفاعل معه بجدية وندية.. لا تزال كبيرة.


نقلاً عن «المصري اليوم»

شارك هذه المقالة