عبدالله عبدالسلام..
لم يتوقع أحد استمرار علاقة «الزواج السياسي»..بين ترامب ورجل الأعمال الملياردير إيلون ماسك، سواهما. كان كثيرون – حتى من الدائرة المقرَّبة لهما – يعتقدون أن الحدة والاندفاع والغرور، التى تميز كلاً منهما، كفيلة بإحداث انفجار ضخم فى العلاقة بينهما. المفاجأة، أن الطلاق – أو الانفصال السياسي – حدث بهدوء وبشكل تدريجى. ترامب وماسك.. نموذجان لرجال أعمال، يعتقدون أن قيادة دولة لا تختلف كثيراً عن إدارة شركة.
… يمكن تطبيق نفس الأساليب، وستكون النتائج مبهرة. 4 شهور و10 أيام.. منذ تولى ترامب السلطة، أثبتت فشل تلك الرؤية. «ترامب» بدأ يتراجع عن كثير من أفكاره، ولكن لأنه الرئيس، فسوف يستمر فى السلطة، أما «ماسك»، فلم يكن هناك مفر من الرحيل.
مع توليه منصب.. مستشار الرئيس لتعزيز الكفاءة الحكومية – وهي وظيفة لا تستدعى موافقة الكونجرس – أصبح «ماسك» أهم مسؤول في إدارة ترامب، بل نجمها الأشهر.. بعد الرئيس. صلاحيته في إلغاء هيئات حكومية، وطرد آلاف الموظفين.. كانت مطلقة. أوقف عمل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، التي تقدم مساعدات للدول الفقيرة، وخفّض ميزانيات.. وزارة التعليم، وهيئات فيدرالية عديدة؛ تحت دعوى تقليص النفقات، وزيادة الكفاءة. تعهد بتوفير 2 تريليون دولار للخزينة الأمريكية، لكنه لم يحقق سوى 81 مليار دولار. طرد 260 ألف موظف حكومي.. من إجمالى 2٫3 مليون. حتى المحافظين المؤيدين لتقليص حجم الحكومة.. شككوا في نجاحه. نعم، خفّض عدد الموظفين، لكن لم تكن هناك رؤية لجعل الحكومة أكثر كفاءة.. بعدد أقل من الموظفين، ونفقات أقل أيضاً. ولأن ما تحقق.. هو الجانب السلبي المتمثل في قطع أرزاق الموظفين، فإن شعبيته تراجعت بشدة، ورفض 58٪ من الأمريكيين ما يقوم به.
استغل فريق ترامب تعثره، وجعلوه كبش فداء لفشل الإدارة. منذ أسابيع، يشعر «ماسك» بالإحباط ..نتيجة عدم دعم ترامب له. كان الرئيس الأمريكي يغرد على منصته «تروث سوشيال» 4 مرات أسبوعياً.. دعماً لماسك. منذ أبريل الماضى، لم يعد يذكره مطلقاً. اختفت عبارات الحب والوله – التي كان ترامب يعلنها – على شاكلة: «أنا أحب إيلون. الإعلام يريد التفرقة بيننا. هذا لن ينجح. إنه رائع».
مع خروجه من الحكومة رسمياً، فإنه سيأخذ ألعابه ويعود لمنزله، كما قال أحد أعضاء الكونجرس. كانت أحلامه أقرب للأوهام. شعر أن نخبة «واشنطن» السياسية.. تلاعبت به، وفي مقدمتها فريق ترامب. جرى تحميله الإخفاقات، واستخدامه «كيس ملاكمة»..يتم التصويب عليه دائماً. كان لسان حال الجمهوريين: إذا نجح استمر معنا، وإذا فشل عليه العودة من حيث جاء.
فهم ماسك اللعبة، بعد أن أنفق حوالى 300 مليون دولار.. على حملة ترامب الانتخابية، ومرشحين جمهوريين للكونجرس والولايات، وبعد أن تكبَّدت شركته «تيسلا» (للسيارات الكهربائية) خسائر جسيمة.. في سمعتها ومبيعاتها، نتيجة خلط السياسة بالتجارة.
خروجه من حلبة السياسة، لن يكون نهاية للعلاقة مع ترامب، بعد أن كان يتجول في البيت الأبيض كما لو كان منزله، فإن حزنه وغضبه.. نتيجة طريقة معاملته، سيحوِّلان علاقة الحب إلى كراهية وضغينة. المعركة بين ترامب وماسك لم تبدأ بعد.
نقلاً عن «المصري اليوم»