زياد بهاء الدين
مع الاحتفالات الجارية باعتراف بعض الدول بدولة فلسطين، ماذا يعني هذا الاعتراف من الجوانب القانونية والسياسية والواقعية؟
فلسطين صارت دولة معترفًا بها من 157 دولة (من 193) أعضاء الأمم المتحدة (مقارنة بعدد 78 ساندوا إعلان دولة فلسطين عام 1988، بلغوا 138 في 2012 مع اعتبارها «مراقباً» في الأمم المتحدة).
الاعتراف بفلسطين إذن ليس جديداً، وان كانت أهميته هذه المرة.. نابعة من ثقل المشاركين فيه، وعلى رأسهم بريطانيا وفرنسا.. العضوان الدائمان في مجلس الأمن. ولكن المبالغة في الاحتفاء ليست في محلها للأسباب التالية:
■ أن فلسطين سوف تظل «مراقباً» في الأمم المتحدة.. لا عضواً كاملاً، طالما كانت غير معترف بها من كل أعضاء مجلس الأمن الخمس. وبالتأكيد، أن أمريكا سوف تمارس حق «الفيتو» في هذا الشأن.
■ أن «دولة فلسطين» لا تشمل إلا غزة وحوالى 40٪ من الضفة الغربية، وهى مساحة آخذة في التناقص والتفتيت.. مع كل توسع إسرائيلي، وكل تهجير للسكان، وكل إنشاء لمستوطنات جديدة.
■ أن الاعتراف بفلسطين جاء في إطار قبول الشروط الإسرائيلية، والتي لخصها الرئيس محمود عباس كالآتي:
(1) الإفراج الفوري عن الرهائن. (2) نزع السلاح من«حماس». (3) عدم مشاركة «حماس» في المشهد السياسى. (4) عدم تسليح دولة فلسطين مستقبلاً.
■ أن الاعتراف بفلسطين مقصود به.. التمهيد لما يسمى «حل الدولتين»، وهو حل غير واضح المعالم، ولا يوجد تصور واقعي لتطبيقه، ولا حتى اتفاق على ملامحه العامة.
■ الأهم مما سبق، أن العدوان على غزة، وحرب الإبادة الجماعية، وتجويع الأهالي، وطردهم كل يوم من موقع لآخر.. لم يتوقف لحظة واحدة، بل لا يزال مستمراً بذات الوتيرة.
على الجانب الآخر، فإن الاعتراف بدولة فلسطين ليس بلا قيمة. وقيمته السياسية والمعنوية.. فيما يعبر عنه من تغيير كبير في الرأى العام الدولي، الذي تطور من الدعم المطلق لإسرائيل.. بعد «طوفان الأقصى»، إلى القلق من تجاوز رد الفعل لما هو مقبول، إلى الصدمة من تصاعد حرب الإبادة، إلى المطالبة بوقف هذه الحرب فوراً. ويؤكد هذا التغير.. أن الحكومة الإيطالية مثلاً التي لم تعترف بفلسطين، واجهت فوراً رد فعل شعبياً وغاضباً. كذلك عبَّر معلقون إسرائيليون هذا الأسبوع.. عن انزعاجهم؛ ليس من الاعتراف بدولة فلسطين في حد ذاته، وإنما مما يعبِّر عنه.. من تآكل المساندة – غير المحدودة وغير المشروطة – التي اعتادت إسرائيل عليها.. من جانب حلفائها التقليديين.
أما وفقا للقانون الدولي، فالمكسب الأساسي، هو زيادة فرصة الدولة الفلسطينية في الانضمام لمنظمات ومؤسسات دولية؛ (على غرار انضمامها عام 2011 لمنظمة «يونسكو» وعام 2015 للمحكمة الجنائية الدولية)، واقترابها من اللجوء للآليات الدولية.. للمطالبة بحقوق شعبها (علماً بأن إسرائيل لا تعير القانون الدولى أي اعتبار).
الخلاصة، أن الأثر القانونى للاعتراف بفلسطين محدود، بينما المكسب السياسي والرمزي كبير. أما على أرض الواقع، فلا تزال حرب الإبادة جارية.. بلا هوادة. تذكَّروا مع ذلك، أن أي مكسب هو نتيجة الثمن الفادح الذي دفعه الفلسطينيون خلال العامين الماضيين، فتحية لهم وقلوبنا معهم.
نقلاً عن «المصري اليوم»