خرج الكاتب المصري خالد صلاح، مؤلف مسلسل “معاوية”، عن صمته مدافعًا عن العمل الدرامي الذي أثار جدلًا واسعًا خلال الفترة الأخيرة، ووصل إلى حد منع عرضه في العراق، مؤكدًا أن المسلسل لا ينحاز لطرف على حساب آخر، وإنما يقدم قراءة مختلفة لشخصية معاوية بن أبي سفيان، بعيدًا عن ثنائية المنتصر والمهزوم التي سيطرت على الروايات التاريخية.
وفي منشور عبر حسابه الرسمي على فيسبوك، أكد خالد صلاح أن المسلسل لم يكن محاولة للترويج لرواية تاريخية بعينها أو لتبني وجهة نظر محددة، بل جاء بهدف تقديم قراءة جديدة ترسم صورة أكثر إنسانية ومعاصرة لمعاوية، مستندًا إلى الظروف السياسية والاجتماعية التي أحاطت به، دون الحكم عليه من منطلقات أيديولوجية مسبقة.
وقال صلاح: “معاوية لم يكن مجرد رجل دولة أو قائد عسكري يخوض معاركه بالسيف، بل كان إنسانًا صاغته الأيام كما تصوغ النار الحديد. كان قاسيًا حين تستدعي الحاجة، ولينًا حين يتطلب الأمر التروي والتدبر”.
وأضاف أن المسلسل سعى إلى الاقتراب من معاوية كإنسان أولًا، وجد نفسه في قلب زلزال سياسي لا يهدأ، ووجد نفسه مضطرًا ليكون لاعبًا رئيسيًا في صراعات لم يخترها بنفسه، بل ألقت بها الأقدار بين يديه، في إشارة إلى التعقيدات السياسية والدينية التي عصفت بالدولة الإسلامية في ذلك العصر.
وأشار خالد صلاح إلى أن العمل يقدم قراءة جديدة لمسيرة معاوية، تسلط الضوء على نشأته في بيت العظمة بين قريش، والتحولات الكبرى التي شهدها العالم الإسلامي آنذاك، وهي تحولات ألقت به في أتون الصراع السياسي الذي شكّل ملامح الحكم في الدولة الإسلامية بعد ذلك.
وفي تعليقه على شخصية معاوية في المسلسل، قال المؤلف: “معاوية لم يكن رجل سيف كخالد بن الوليد، ولا ناسكًا زاهدًا كعلي بن أبي طالب، بل كان رجل التدبر الطويل والانتظار الصامت. تعلم منذ صغره أن النصر لا يتحقق دائمًا في ساحات القتال، وأن الحرب ليست دائمًا الحل الأمثل، بل قد تكون المصيدة التي يقع فيها المتعجلون”.
وأوضح صلاح أن الهدف من العمل لم يكن كتابة التاريخ بمنطق الأبيض والأسود، بل تقديم رؤية إنسانية لشخصية جدلية أثرت في التاريخ الإسلامي. وتابع: “لم نر معاوية كحاكم فقط، بل كروح عاشت وتألمت وانتصرت وأخطأت، ثم مضت إلى قدرها مثل كل الأرواح التي سبقتها”.
واختتم خالد صلاح حديثه بالتأكيد على أن العمل يطرح تساؤلات أكثر مما يقدم إجابات، ويهدف إلى دعوة المشاهدين لإعادة التفكير في شخصية أثرت بشكل كبير في مسار الأحداث الإسلامية، بعيدًا عن المواقف المسبقة أو الأحكام الجاهزة التي أحاطت بهذه الشخصية عبر العصور.
يُذكر أن مسلسل معاوية من إنتاج مجموعة قنوات MBC، وكان من المقرر عرضه في الموسم الرمضاني الماضي، قبل أن يثير العمل ردود فعل متباينة في الأوساط الثقافية والدينية والسياسية، وصلت إلى إصدار قرار رسمي بمنع عرضه في العراق.