تحت رعاية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وأنطونيو جوتيريش، أمين عام الأمم المتحدة، انعقد الإثنين، مؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية في قطاع غزة، بمشاركة أكثر من 100 وفد من الدول، وكالات الأمم المتحدة، المنظمات الإقليمية والدولية، والمؤسسات المالية والمنظمات الإنسانية.
التزام عالمي بالتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني
عكست النقاشات التي دارت خلال المؤتمر التزامًا ثابتًا من المشاركين بالاستجابة للكارثة الإنسانية في قطاع غزة. تم التركيز على التخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني ووضع حد لمأساته الإنسانية، كما سلطت المناقشات الضوء على الجهود المصرية المبذولة على مختلف الأصعدة الإنسانية، مؤكدين على ضرورة دعم هذه الجهود لتحقيق أكبر تأثير ممكن.
شدد المؤتمر على أهمية زيادة المساعدات الإنسانية بشكل فوري إلى قطاع غزة، مع التأكيد على ضرورة إيصال المساعدات بشكل فعال ومستدام للفلسطينيين المحتاجين. تضمن ذلك الغذاء والماء والإمدادات الطبية، والوقود والمأوى، وهي المواد الأساسية التي يحتاجها الشعب الفلسطيني في هذه الفترة الحرجة. كما تم التأكيد على أهمية وجود استراتيجية قوية للتعافي المبكر، وإطلاق هذه الاستراتيجية بمجرد السماح بذلك، لتوفير الأساس لإعادة الإعمار في غزة، وهي عملية ستكون بقيادة الحكومة الفلسطينية وبدعم من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي.
القلق الدولي من الوضع الإنساني الكارثي في غزة
تم خلال المؤتمر التعبير عن القلق العميق تجاه الوضع الإنساني الكارثي في غزة نتيجة العمليات العسكرية الإسرائيلية التي استهدفت المدنيين والبنية التحتية المدنية، بما في ذلك مرافق الأمم المتحدة وموظفيها. أسفرت هذه العمليات عن خسائر فادحة في الأرواح وأضرار غير مسبوقة في البنية التحتية، في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي الذي يمنع وصول المساعدات الإنسانية إلى القطاع. كما خلفت العمليات العسكرية تهجير أكثر من 1.9 مليون فلسطيني، مما زاد من تعقيد الوضع الإنساني في القطاع.
القيود الإسرائيلية على إيصال المساعدات إلى غزة
لا تزال إسرائيل تواصل تقييد النفاذ الإنساني إلى قطاع غزة، حيث تظل المعابر مغلقة أو تعمل بقدرة محدودة للغاية، بينما تم فرض حصار فعلي على شمال القطاع عبر بناء جدار عازل. أدى ذلك إلى محاصرة المدنيين داخل القطاع، مما جعلهم غير قادرين على الوصول إلى الخدمات الأساسية أو احتياجاتهم اليومية. كما أن العديد من الفلسطينيين علقوا في غزة، غير قادرين على العودة إلى منازلهم أو مغادرتها.
مصر تجدد دعوتها لاحترام القانون الدولي
في هذا السياق، جددت مصر مطالبتها لإسرائيل بالامتثال الكامل لالتزاماتها وفقًا للقانون الدولي الإنساني، كونها القوة القائمة بالاحتلال. وشددت مصر على أنها ستواصل العمل بلا هوادة من أجل تحقيق وقف دائم لإطلاق النار، وإطلاق سراح جميع الرهائن والمحتجزين الفلسطينيين. كما أكدت مصر على أهمية توفير المساعدات الإنسانية بشكل آمن وسريع، وأنه يجب تسهيل الوصول إلى المدنيين في قطاع غزة دون عوائق أو قيود عبر كافة المعابر الإنسانية.
الدعم المصري والمساعدات الإنسانية
منذ بداية الحرب في السابع من أكتوبر 2023، قدمت مصر أكثر من 94,064 طنًا من المساعدات الإنسانية، بالإضافة إلى خدمات طبية لأكثر من 91,770 فلسطينيًا، إلى جانب مساعدة في إجلاء أكثر من 74,000 من مزدوجي الجنسية ومواطني الدول الثالثة. تواصل مصر جهودها لدعم الشعب الفلسطيني في محنته، مع التأكيد على أهمية احترام حقوق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم وإقامة دولتهم المستقلة.
عكست المناقشات خلال المؤتمر الدور الحيوي والبطولي للأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة في توفير الدعم الإنساني والطبي في قطاع غزة. كما أعربت العديد من الوفود عن خالص تعازيها لمن فقدوا حياتهم في هذا النزاع، وأكدت على ضرورة حماية العاملين في المجال الإنساني وضمان حرية تنقلهم بأمان وسلامة داخل القطاع.
أكد المؤتمر على ضرورة حماية الدور المحوري الذي تقوم به وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في غزة، كونها الهيئة الأقدم والأكبر التي تعمل في القطاع. توفر أونروا الإمدادات والخدمات الأساسية التي تمثل طوق النجاة لكثير من الفلسطينيين. كما يجب توفير الدعم والتمويل اللازمين لضمان استمرار دورها الأساسي في تقديم المساعدات الحيوية.
في ختام المؤتمر، أكدت مصر أنها ستستمر في دعم الشعب الفلسطيني ونضاله المشروع من أجل نيل حقوقه غير القابلة للتصرف، بما في ذلك حقه في تقرير المصير. كما شددت على دعمها لتحقيق تطلعات الفلسطينيين المشروعة في إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، ذات سيادة ومتواصلة الأراضي على أساس خطوط عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
وجهت جمهورية مصر العربية الشكر والتقدير للدول والمنظمات التي شاركت في المؤتمر، معبرة عن تقديرها لدعمهم المستمر لحقوق الشعب الفلسطيني. وأثنت مصر على تعهدات المشاركين السياسية والمالية لتعزيز الاستجابة الإنسانية في غزة، معربة عن أملها في استمرار هذا الدعم والعمل المشترك لإنهاء المعاناة الإنسانية في القطاع.