وسط أجواء مشحونة بالعلاقات المتوترة مع الولايات المتحدة، تمكن الحزب الليبرالي الكندي بقيادة مارك كارني من الاحتفاظ بالسلطة في الانتخابات العامة التي جرت الإثنين، لكن من دون أن يحقق الأغلبية البرلمانية التي كان يطمح إليها.
ووفق النتائج الأولية، حصل الليبراليون على 167 مقعدًا من أصل 343، فيما جاء حزب المحافظين بقيادة بيير بواليفر في المركز الثاني بـ145 مقعدًا، ما يضع كندا أمام حكومة أقلية جديدة، في وقت حساس سياسيًا واقتصاديًا.
حكومة أقلية جديدة.. وتحديات قديمة
عدم حصول الحزب الحاكم على 172 مقعدًا اللازمة لتشكيل أغلبية نيابية يعني أن الليبراليين سيحتاجون للتحالف مع أحزاب أصغر لتمرير القوانين، وهي معادلة سياسية معقدة قد تهدد استقرار الحكومة على المدى القصير، لا سيما مع تصاعد الأزمات الاقتصادية والتجارية.
كارني: عهد التبعية الاقتصادية لأميركا انتهى
في خطاب حاد اللهجة أمام مؤيديه في أوتاوا، وجّه كارني انتقادات مباشرة للسياسات الأميركية، معتبرًا أن المرحلة المقبلة تتطلب قطيعة اقتصادية جزئية مع واشنطن. وقال:
“النموذج التجاري الذي اعتمدنا عليه لعقود انتهى… وسنضطر لاستثمار مليارات الدولارات لتقليل اعتمادنا على الاقتصاد الأميركي”.
وأضاف أن العلاقة القديمة مع الولايات المتحدة، التي كانت مبنية على التكامل، “لم تعد قائمة في ظل سياسات إدارة ترامب”، مؤكدًا تبنيه “نهجًا صارمًا” في الرد على أي تصعيد اقتصادي من الجانب الأميركي.
ترامب يصعّد.. ويروّج لفكرة “ضم كندا”
تزامن خطاب كارني مع تصريحات مثيرة للجدل من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي جدّد عبر منصاته الدعوة لضم كندا كولاية أميركية، زاعمًا أن “الشعب الكندي يستحق زعيمًا يخفض الضرائب ويقوي الجيش مجانًا”.
كما لوّح ترامب بفرض رسوم جمركية جديدة تصل إلى 25% على صادرات السيارات الكندية، في تصعيد أثار مخاوف كبيرة داخل الأوساط الاقتصادية الكندية.
معركة اقتصادية مفتوحة.. وقلق داخلي
التوترات التجارية أثّرت سلبًا على تعافي الاقتصاد الكندي الذي بدأ يشهد انتعاشًا بطيئًا قبل أن تعود الولايات المتحدة إلى فرض رسوم جمركية. وفي ظل حكومة أقلية، يخشى مراقبون من أن الانقسام السياسي قد يعقّد جهود مواجهة التحديات الاقتصادية والتجارية المقبلة.
ورغم اعترافه بالهزيمة، حقق حزب المحافظين نتيجة قوية فاقت التوقعات، بعدما ضيّق الفجوة مع الليبراليين الذين كانوا متأخرين بفارق 20 نقطة فقط قبل أشهر. وتُعد عودة الليبراليين بهذا الشكل بمثابة “انتصار تكتيكي” بعد استقالة رئيس الوزراء السابق جاستن ترودو مطلع العام الجاري.