اختتمت القمة الأميركية الروسية التي استضافتها الرياض في قصر الدرعية شمال غربي العاصمة السعودية، وسط تأكيدات من الجانبين على أهمية الحوار لحل النزاع الأوكراني. وأعلن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أن واشنطن ستبدأ العمل على أعلى المستويات للتعاون مع موسكو بهدف إنهاء الحرب، مشددًا على أن التفاوض هو السبيل الوحيد للوصول إلى تسوية، وأن ذلك سيتطلب تنازلات متبادلة.
وفي تصريحاته للصحافيين عقب المباحثات، أشار روبيو إلى أن الولايات المتحدة ملتزمة بمواصلة التفاوض مع روسيا، لافتًا إلى أن بلاده ستعيد تفعيل البعثات الدبلوماسية بين الجانبين، في خطوة تعكس الرغبة في إعادة بناء جسور التواصل. كما وصف محادثات الرياض بأنها نقطة انطلاق نحو إنهاء الحرب الأوكرانية، مؤكدًا أن هناك فرصًا واعدة للتعاون بين البلدين.
لم تغب السياسة الأميركية الداخلية عن المشهد، إذ اعتبر روبيو أن الرئيس دونالد ترامب هو القائد الوحيد القادر على إنهاء الحرب، مشيرًا إلى أن ترامب يعمل على حل النزاع بما يخدم الجميع، بما في ذلك أوروبا. وأضاف أن على الأوروبيين أن يقدروا جهود ترامب في هذا الملف، لافتًا إلى أن الدور السعودي في المباحثات يعكس أهمية المملكة في تعزيز السلام العالمي.
لا موعد محدد للقاء بين بوتين وترامب
ورغم أجواء التفاؤل التي سادت القمة، فإن روبيو أوضح أن لقاء مباشرًا بين الرئيسين الأميركي والروسي لم يُحدد بعد، لكنه شدد على أن فتح قنوات دبلوماسية بين واشنطن وموسكو بات ضرورة ملحّة لمعالجة القضايا العالقة.
من جانبه، كشف مستشار الأمن القومي الأميركي مايك والتز أن بلاده ستبحث مع روسيا قضية الأراضي الأوكرانية وستعمل على رفع وتيرة المباحثات في الفترة المقبلة، مشيرًا إلى أن المحادثات مع الشركاء الدوليين بشأن الأزمة الأوكرانية ستستمر خلال الأسبوع المقبل. كما لم يستبعد إمكانية عقد لقاء بين ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في المستقبل القريب، معربًا عن أمله في أن يكون لأوروبا دور أكثر فاعلية في إنهاء الحرب، ومشددًا على ضرورة أن تعزز الدول الأوروبية مساهمتها في حلف الناتو.
دور سعودي بارز في الوساطة
وشهدت القمة مشاركة رفيعة المستوى من الجانبين الأميركي والروسي، حيث ضمت الوفود مسؤولين بارزين، من بينهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ومساعد الرئيس الروسي يوري أوشاكوف، ورئيس الصندوق الروسي للاستثمارات المباشرة كيريل دميترييف، إلى جانب مستشار الأمن القومي الأميركي مايك والتز، ومبعوث الرئيس الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط ستيفن ويتكوف.
وحضر اللقاء من الجانب السعودي وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، ووزير الدولة مساعد العيبان، حيث أكدت وزارة الخارجية السعودية أن استضافة هذه المباحثات تأتي في إطار مساعي المملكة لتعزيز الأمن والاستقرار العالميين.
حياد سعودي ومساعٍ دبلوماسية
منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية، حافظت السعودية على موقف متوازن، مع تبنيها سياسة الحياد والسعي للعب دور الوسيط بين الأطراف المتنازعة. وشهدت السنوات الماضية جهودًا دبلوماسية مكثفة من جانب المملكة، شملت التوسط لإطلاق سراح مقاتلين أجانب محتجزين في أوكرانيا عام 2022، إضافة إلى استضافتها محادثات دولية بشأن النزاع في أغسطس 2023، والتي حضرها ممثلون عن أكثر من 40 دولة، رغم غياب روسيا عن تلك الاجتماعات.