Times of Egypt

قرارات صائبة في توقيت خاطئ

M.Adam
أمينة خيري  

أمينة خيري..


السياسة ليست نظريات علوم سياسية.. ندرسها في الكليات الجامعية، ونمضي سنوات وعقوداً في دراسة قضاياها، وظواهرها، وتحولاتها.. فقط.
والسياسة ليست موهبة فهم علاقات دول العالم، وموازنات القوة، وسبل التفاوض، والنقاش.. فقط.
كما أنها ليست معرفة عميقة بالدولة، ومكانتها، ومتطلباتها، ونقاط قوتها وضعفها.. فقط.
وهي ليست إلماماً بما يجري من علاقات، واحتقانات، وتكاملات.. بين فئات الشعب المختلفة.. فقط.
والسياسة ليست اتخاذ قرارات سياسية، واقتصادية، واجتماعية.. حتمية وضرورية.. فقط.
إنها كل ما سبق.. في الوقت المناسب.
مقومات السياسة الناجحة، ومؤهلات السياسي الحاذق.. لا تكتمل دون رتوش؛ هي في السياسة.. على القدر نفسه من الأهمية، مثلها مثل المفاوضات الدولية، والاتفاقات العالمية، والقرارات المحلية، وقدرات البناء، والتشييد، والتدبير، والتنسيق.. وغيرها.
… وبين رتوش السياسة، المفردات المستخدمة فى مخاطبة الناس، ونبرة الصوت، ولغة الجسد، وكذلك توقيت القرارات.
فرق كبير.. بين القرار السياسي، أو الاقتصادي.. الخاطئ. وبين القرار السياسي، أو الاقتصادي.. الجيد والصائب، الذي يضل طريقه؛ بسبب التوقيت، أو المفردات.. المستخدمة في نصه.
قرأت مقالاً في دورية «الديمقراطية الممثِّلة» – الصادرة في الربع الأول من العام الحالي – عنوانه «هل تتخذ الحكومات دائماً.. قرارات غير شعبية.. عن علم؟ كيف يؤثر عدم الدقة الإدراكية.. على قرارات السياسات؟». وجاء في المقال، أنه كثيراً ما يعود فشل الحكومات.. إلى طريقة استجابتها لتفضيلات الناخبين (المواطنين)، وأن الكثير من الحكومات – حين تتخذ قرارات – تعطي أولوية لسياساتها المتصورة، التي تضعها في مكانة الأولوية.. قبل الأهداف الانتخابية.
ويمضي المقال قدماً، ويشير إلى أن الأدلة المتزايدة – من تقييم قرارات تصدرها حكومات كثيرة.. في دول العالم – تؤكد أن الكثيرين من صُناع القرار، ضعيفون في تقدير الرأي العام.
ويطرح المقال سؤالاً بسيطاً – لكن بالغ الأهمية – وهو: هل يمكن تفسير فشل الحكومات، في ضوء فشلها.. في توقع مقدار عدم شعبية قراراتها، أو عدم عقلانية – أو منطقية – توقيت اتخاذ هذه القرارات؟!
يتطرق المقال.. إلى عدد من القرارات الخاطئة؛ سواء من حيث المحتوى، أو التوقيت.. أو كليهما. اتخذتها حكومات في بريطانيا، ويدرس كلفة اتخاذها، وأثر ذلك القاتل على مستقبل هذه الحكومات.. في الانتخابات التالية. بمعنى آخر؛ القرارات الصائبة- في توقيت غير مناسب -تم تقييمها خاطئة، وأدت إلى معاقبة الناخبين للحكومة.. في أقرب انتخابات تالية.
قد يهمس البعض قائلاً: وماذا عن الحكومات التي تتخذ قرارات خاطئة، أو في توقيتات غير مناسبة، وهي تضمن أن «الناخب» لن يعاقبها؟
هذا وارد بالطبع، لكن العقاب لا يكون عبر الانتخابات فقط، ولكنه يأتي في صور مختلفة، وأرى أن أهمها وأخطرها هو «عدم الرضا». وحين يتراكم عدم الرضا، يبدو للبعض أنه اتبع مبدأ «عفا الله عما سلف»، لكنه غالباً يتراكم معرضاً عوامل أخرى للخطر. وهناك مخزون علمي وعملي وافر لعلماء اجتماع، ونفس، واجتماع سياسي.. يخبرنا الكثير عن الآثار الاجتماعية لعدم الرضا، لمَن أراد أن يطّلع، أو يمضي وقته.. في قراءة مفيدة.
نقلاً عن «المصري اليوم»

شارك هذه المقالة