Times of Egypt

في انتظار هجوم الذئب! 

M.Adam
عبدالله عبدالسلام 

عبدالله عبدالسلام 

وصف عالم السياسة الألماني كارل رودولف كورتي بلاده، بأنها «دولة تنتظر باستمرار.. وصول الذئب».  

حتى شهور قليلة مضت، كان الذئب هو روسيا.. بعد حملتها العسكرية ضد أوكرانيا. الآن، هناك – كما يقول المؤرخ والكاتب البريطاني تيموثي جارتن آش – ذئب كبير آخر على الأبواب.. ترامب، الذي اختص ألمانيا بهجوم كاسح، مُهدداً برفع المظلة الدفاعية الأمريكية عنها.  

… دخل الحظيرة ذئب صغير ثالث، هو حزب «البديل من أجل ألمانيا».. المتطرف، الذي أصبح – بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة – ثاني أقوى حزب سياسي ألماني.  

ماذا تفعل ألمانيا في مواجهة الذئاب؟ هل تواصل مسيرتها، كما هو الحال.. منذ نهاية الحرب العالمية الثانية؛ باعتبارها قوة اقتصادية في الأساس، تترك للحلفاء مهمة الدفاع عنها؟ أم تنقلب على الأسس التى عاشت عليها؟ 

قبل أيام، حدث ما لم يكن متصوراً. انعطافة جذرية حادة، فاجأت الأوروبيين والعالم. لارس كلينجبيل – أحد زعماء الحزب الاشتراكي الديمقراطي.. الحاكم سابقاً، الذي تحالف مع الاتحاد المسيحي الديمقراطي الفائز.. لتشكيل تحالف حكومي – قال: «قبل بضعة أسابيع، ظن الكثيرون أننا لن نتوصل لاتفاق.. كأحزاب وسط ديمقراطية. نتيجة ما يجري حولنا، أصبحنا على وشك الاتفاق على الحكومة الجديدة، لعدم إفساح المجال للتطرف الشعبوي.. كي يزدهر».  

وليس هذا هو التغير الوحيد فقط.. الذي طرأ؛ فبسبب تهديدات ترامب، استيقظت ألمانيا من سباتها، وصوت برلمانها على ضخ 500 مليار دولار.. للإنفاق العسكري، والبنية التحتية. 

حتى المستشار الألماني المرتقب.. فريدريش ميرتس، غيَّر أفكاره بشأن الانضباط المالي الصارم، ورفض الاقتراض.. لتوفير هذا المبلغ الهائل. سياسيون ألمان قالوا.. إنهم كانوا يعتقدون أنه «عندما تتعرض ألمانيا للخطر، فإن أمريكا ستهب لنجدتنا. بفضل ترامب، لم يعد هذا هو الحال. كنا نتعامل مع قوة عظمى (أمريكا).. باعتبارها صديقاً. الآن نخشى أن تكون عدواً». 

يقول الفيلسوف الاقتصادي الإنجليزي جون ماينارد كينز: «عندما تتغير الحقائق، أُغير رأيي». الأزمات الكبري.. تستدعي رؤى واستراتيجيات غير تقليدية، ربما تكون معاكسة.. لما كان سائداً.  

العالم العربي بحاجة إلى مثل هذه الانعطافة. أمريكا لم تعد صديقاً. هي نفسها تتصرف بأُحادية، ولا يهمها سوى نفسها. التحالفات والعلاقات القديمة.. لا تمثل لإدارة ترامب التزاماً، أو قيداً على التحرك ضد هذا الصديق، أو ذاك الحليف. ليس معنى ذلك أن تصبح أمريكا عدواً، أو حتى خصماً. 

الحكومات العربية.. ليست لديها تلك الرفاهية للمفاضلة بين الخيارات. لكن عندما يصر ترامب على تهجير الغزاويين، ويرفض خطة الإعمار العربية. وعندما تصبح إسرائيل الحليف الوحيد المسموعة كلمته. وعندما يتحدث مبعوثه ستيفن ويتكوف.. بترهات عن الدول العربية الرئيسية، ومستقبل الحكم فيها، فإن هناك ضرورة لتغيير أولويات السياسة العربية، وعدم وضع 99٪ من أوراق اللعبة بيدي واشنطن.. كما كان الأمر سائداً منذ نصف قرن أو يزيد. 

ترامب لم يكشف بعد.. عن كل خططه إزاء المنطقة، وسيفاجئنا كثيراً.. بالجديد الخطير، وعلينا الاستعداد.. للتعامل مع تلك الخطط.  

مناطق ودول كثيرة.. ردت بالمثل على رسومه الجمركية، التي فرضها.  

كندا وبنما والدنمارك.. رفضت خططه التوسعية.  

عندما يترصد الذئب فريسته التي تبتعد عن القطيع، يصبح التعامل الجماعي العربي معه.. الخيار الوحيد الكفيل بالنجاة. 

نقلاً عن «المصري اليوم« 

شارك هذه المقالة