Times of Egypt

«فيل».. الأسرة المصرية 

M.Adam
أمينة خيري  

أمينة خيري

«الفيل في الغرفة»* ينادينا، وإما أن نجد طريقة ذكية لإخراجه من الغرفة.. دون أضرار بالغة، أو نبقي عليه في داخلها.. مسبباً فوضى وقلقاً وعشوائية، وكلما تسبب في المزيد منها، نحقنه بتوليفة من المواد المخدرة والمنومة، فيهدأ قليلاً، وربما ينام كثيراً، قبل أن يستيقظ ليثير الفوضى والقلق والعشوائية مجدداً، وهلم جراً. 

وأعود لنماذج «شهاب بتاع الجمعية» و«طالبة الجبر» والـ«تيك توكرز».. كنماذج حديثة تم تسليط الضوء عليها. ووجدنا أنفسنا.. ندَّعي الصدمة، ونتظاهر بـ«الخضَّة»! ونفبرك هذه التهمة سابقة الإعداد، من أن هذا وهذه وهؤلاء يهددون «قيم الأسرة المصرية». 

… بجد؟! حقيقي؟! 

  • ماذا إذن عن هذا المشهد المروِّع لمجموعة من أولياء الأمور.. «الملتزمين»، وهم يطاردون مراقبة.. منعت أبناءهم من الغش في الامتحان، ويوجهون لها أقبح الشتائم، وبعضها انطلاقاً من انتمائها لخانة عقائدية غيرهم؟! 
  • ثم يتبدد المشهد وكأنه لم يحدث، ألا يهدد ذلك قيم الأسرة المصرية؟ 
  • وماذا عن حرمان النساء من الميراث «الشرعي»، وتركه تحت رحمة رجال الأسرة؟ ألا يهدد ذلك قيم الأسرة المصرية؟
  • وماذا عن عمالة الأطفال ..الآخذة في الانتشار والتوسع، ألا يهدد ذلك قيم الأسرة المصرية؟ 
  • وماذا عن الجرائم والاعتداءات وحرمان الصغار من طفولتهم؟ ألا يهدم ذلك قيم الأسرة؟ 
  • وماذا عن الصغير عامل السوبر ماركت.. الذي تم ذبحه قبل ساعات في المهندسين نهاراً جهاراً، مع العلم أن عمره عشر سنوات، ألا يهدم نزول طفل في هذا العمر سوق العمل، وانتهاء ذلك بذبحه، قيم الأسرة المصرية؟ 
  • وماذا عن انعدام قواعد اللغة كتابةً ونطقاً.. لدى قطاع غير قليل من خريجي الجامعات، ألا يهدد ذلك قيم الأسرة المصرية؟ 
  • وماذا عن اعتبار الكثيرين إلقاء القمامة في الشوارع، وعلى الأرصفة، ومن نوافذ السيارات الفارهة، وتحت مقاعد المترو والأتوبيس، وتراكم تلالها ومعها ذبابها وأمراضها، أمراً عادياً جدياً، ألا تهدد القذارة قيم الأسرة المصرية؟

قوائم مهددات قيم الأسرة المصرية.. أكثر وأكبر من أن تعد أو تحصى. والأسهل هو أن نأتي بورقة وقلم، أو بشاشة رقمية، ونكتب قائمة أخرى.. أكثر فائدة عنوانها «ما هي قيم الأسرة المصرية؟»، وبعد استيفائها، نكتب قائمة أخرى.. تحتوي على الخطوات اللازمة لغرس وتقوية ودعم وصيانة واستدامة هذه القيم. 

وكلما كانت القائمة عملية وواقعية، وكلما كانت عاكسة لتنوع المجتمع، وكلما كانت بعيدة عن هبد الخيال ورزع الأساطير، كلما كان ذلك أفضل. 

الدوائر المفرغة التي أدمنّا الدوران فيها.. تستنزف قوتنا وجهدنا، وتركيزنا على أصل المشكلة. أدوات المنع والحجب لم تعد مجدية. أغلق الباب بالضبة والمفتاح.. منعاً لدخول منصات السوشيال ميديا.. ومحتواها الذي يهدم «قيم الأسرة المصرية»، واحبس «شهاب بتاع الجمعية» في دار رعاية، واسخر واشتم «فتاة الجبر»، كل ما سبق قد يمنحنا شعوراً رائعاً بأنه تم القضاء على المشكلة، لكن الشعور مؤقت، لأن بيننا من نوع شهاب والـ«تيك توكر».. بدل الواحد ملايين. 

سؤال أخير، هل حضانات المساجد والكتاتيب الحل؟

نقلاً عن «المصري اليوم»

* «الفيل في الغرفة».. تعبير في الثقافة الإنجليزية يعني: مصدر التهديد. فوجود فيل ضخم في غرفة مدعاة للاضطراب والتخريب. ومن ثم ما تعنية الكاتبة وجود أسباب للتهديد. 

شارك هذه المقالة