Times of Egypt

فيلم «الست».. حيوية مجتمع!

M.Adam
عبدالله عبدالسلام 

عبدالله عبدالسلام

حالة الجدل والنقاشات الواسعة.. التي يشهدها المجتمع المصري بشأن فيلم «الست»، لم تحدث منذ سنوات طويلة؛ انقسام في الآراء حول جوانب فنية وتاريخية وسياسية، وانتقادات لطاقم العمل.. خاصة المؤلف والمخرج وبطلة الفيلم، وإشادات أيضاً. 

للأسف، كان النصيب الأكبر من هذه النقاشات.. على مواقع التواصل. الصحافة والإعلام التقليدي.. استحوذا فقط على حصة «الأقلية». بدا الانفصام شاسعاً.. بين اهتمامات الناس، وأولويات الصحافة. النشر كان محسوباً ومحدوداً؛ وأهم سماته التحفُّظ، وتجنب الخلافات والصراعات. 

السؤال: ماذا لو أن الإعلام والصحافة كانا المنصة الرئيسية لهذه النقاشات؟ ألم تكن علاقة الناس بهما ستتغير.. من الابتعاد واللامبالاة، إلى الحرص على المتابعة والاهتمام؟.

لكن السؤال الأهم: ماذا لو أن صحافتنا وإعلامنا.. تناولا جميع قضايانا السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. بهذا المدى من الحرية والمشاركة، الذي شهدناه على مواقع التواصل الاجتماعي؟ 

كان الخلاف شديداً وحامياً، شارك فيه مئات الآلاف. منهم من كتب بوستات عن الفيلم، ومنهم من علَّق على هذه البوستات. رغم أن هناك من تجاوز في وصف أو اتهام، وأظهر غضبه على هذا الفنان أو ذاك، إلا أن الأمور مرت بسلام. لأن الأمر في النهاية تعبير عن الرأي بالكلمة، وليس بأي شيء آخر. المجتمع المصري – رغم كل مشاكله – وصل إلى حالة من النضج والحيوية.. تؤهله للتعامل بتحضر ورقي مع كل أزماته واختلافاته. 

الانتخابات البرلمانية شاهد آخر على ذلك. عاقب الناخبون من قاموا بهندسة العملية الانتخابية، لكى يخرج برلمان «مُعقَّم».. لا يعبِّر إلا عن أعضائه ومن اختاروهم. انتخبوا المرشحين المستقلين – الذين كان من المستحيل تصوُّر أن تكون أمامهم فرصة للنجاح.. قبيل الانتخابات – لأن كل شيء كان مرسوماً بدقة، وعن عمد.. لإخراجهم من اللعبة.

جرت نقاشات واسعة بين الناخبين، لم يعكسها الإعلام ولا الصحافة. التغطية اكتفت – إلا قليلاً – بالبيانات والمعالجات «الخفيفة».. لما جرى في الواقع. 

ماذا لو أن الصحافة والإعلام.. عالجا قضية الانتخابات.. بنفس طريقة معالجة مواقع التواصل لفيلم «الست»؟ 

ماذا لو أن آراء الناخبين.. انعكست بحرية وشفافية على التغطية الصحفية؟ 

نقاشات «الست» الحادة.. لم تخرج عن كونها مجرد نقاشات. لم يتأثر السلام الاجتماعي للبلد سلباً بسببها. نفس الأمر كان سيحدث، لو فتحت الصحف صفحاتها، والقنوات برامجها.. لنقاش حقيقي جريء عن الانتخابات. 

نقل هذه النقاشات، كان من شأنه عودة الناس لقراءة صحفنا، ومشاهدة إعلامنا والاستماع له. 

تطوير الإعلام الذي نناقشه من شهور، كان سيتحقق عملياً.. من خلال إتاحة الحرية لكل أطراف المنظومة الإعلامية، للتعبير عن آرائهم ومواقفهم.. في إطار احترام القواعد المعمول بها. 

أولى خطوات التطوير، هي «فتح الهواء»، أي السماح لكل الآراء.. بالخروج إلى النور.. على طريقة «دع مائة زهرة تتفتح».

في الغرب، تضيق المسافة بين الصحافة ومواقع التواصل الاجتماعي، لأن مدى الحرية.. يكاد يكون متقارباً. 

أما عندنا، فهناك مسافة شاسعة بين الطرفين. مواقع التواصل تقول – تقريباً – ما يحلو لها.. دون رابط أو «ضابط»، والصحافة.. تتحفظ وتتحفظ، فلا تقول شيئاً. 

النقاش حول فيلم «الست»، يمكن أن يكون نموذجاً.. للتعامل مع قضايانا الأخرى؛ وفي المقدمة حرية التعبير والصحافة.

نقلاً عن «المصري اليوم»

شارك هذه المقالة