أمينة خيري
أعدت نشر مقالي المعنون «منطق حرية الإنجاب» – الذي نُشر في هذه المساحة قبل نحو عامين – وتحديداً يوم 10 سبتمبر عام 2023!
والسبب، رد من أحد القراء وصل تعليقاً على المقال، يقول صاحبه إنه حاول تجاهل المقال طيلة الوقت الماضي، لكن لم يستطع، وإنه.. في كل مرة تقع فيها عيناه على اسمي، يُخيم عليه شعور بالضيق والغضب، ويشعر وكأن إهانة قديمة تنهض من جديد، وكأنني أهمس له: «أنت من هؤلاء الذين نراهم أقل شأناً«.
أنشر كلمات الأستاذ أحمد فايد – الذي يُعرِّف نفسه بأنه «فلاح نيويورك« – على أن أرد عليها في مقال لاحق. كتب: «في مقالها كتبت الكاتبة بالنص: المواطن الباحث عن تحسين دخله، أو أملاً في أن يُنعم الله عليه – كما أنعم على غيره من أهل قريته – بفرصة عمل في المدينة، مكَّنته من توفير مبلغ من المال وبناء (حتة بيت) يضمه وعياله الستة.. على قيراط الأرض الزراعية التي يمتلكها وإخوته السبعة. وفي المدينة حيث حلم العمل خفيراً لفيلا، أو دليفري في سوبر ماركت، أو فرشة لعب بلاستيكية أو أدوات منزلية… إلخ. ثم يبدأ في توسيع قاعدة رأس المال. رأس المال المزمع من خلال (عيل) يتم دفعه لقيادة توك توك أو في مجال البناء أو الدليفري أو تزويج الطفلة، يعني حتمية تبني الملف السكاني باعتباره قضية حياة أو موت».
ويقول الأستاذ أحمد – من نيويورك – إن «هذه الكلمات ليست تحليلاً ديموغرافياً، بل إدانة طبقية صريحة، مهينة.. تتعامل مع الفقر كجريمة، ومع الإنجاب كاستثمار خسيس. هي ليست سرداً واقعياً، بل كاريكاتير.. يُشوه ملايين المصريين من أبناء الريف والصعيد. كأننا مجرد كائنات تتكاثر على قيراط أرض، نحلم بـ(حتة بيت)، نُنتج (عيالاً) لقيادة التوك توك وتزويج البنات القُصر، ولا نستحق سوى الإشارة.. كخطر سكاني يجب احتواؤه. أنا واحد من هؤلاء الناس. نشأت في قرية مصرية. رأيت الفقر، لكنني رأيت الكرامة أيضاً. شقيت طريقي بالتعليم والعمل. واليوم أنا موظف تنفيذي فيدرالي في الولايات المتحدة. لكن رغم المسافة، لم أنسَ. ولن أنسى«.
»لقد قرأت في سطور المقال.. ازدراءً للناس الذين أحبهم وأفتخر بانتمائي إليهم. رأيت فيه اختزالاً لحياة كاملة.. في (فرشة لعب بلاستيكية)، و(خفير لفيلا) و(عيال في توك توك). هل نسيت الكاتبة أن أعظم من أنجبتهم مصر كانوا أبناء الريف والصعيد؟. الأمثلة كثيرة، وكلهم من أبناء القرى. من البسطاء، الذين لم يكتبوا عن الناس، بل نهضوا بهم.
ما كتبته الأستاذة أمينة خيري لا يُصلح مجتمعاً، بل يُهينه. ولن أقبل أن يُقال عني أو عن أهلي أو عن قريتي، إننا لا نحلم إلا ببيت على قيراط، أو عمل كدليفري، أو تزويج طفلة. هذه ليست حرية تعبير، بل خطاب إقصاء طبقي قاسٍ ومؤذٍ. نحن لسنا فائضاً ديموغرافياً. نحن أصل البلد».
إمضاء: فلاح مصري، أحمد فايد، نيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية».
انتهت الرسالة، وغداً أرد.
نقلاً عن «المصري اليوم«