Times of Egypt

فك «شفرة» عبدالناصر!

M.Adam

صلاح دياب

»من الصواب القول إن ناصر كان على حق. كان سابقاً عصره.. حينما نادى بالوحدة العربية. أمريكا عارضت هذه الوحدة، لأنها كانت ستشكل تهديداً لها.. في زمن الحرب الباردة. فكرة أن تكون هناك وحدة عربية.. صحيحة تماماً. لكن ليس وحدة سياسية فقط، بل تكاملية في مجال البنية الأساسية والنقل والطاقة والتحول الرقمي«.

قائل هذا الكلام ليس واحداً من دراويش الناصرية. بل أستاذ اقتصاد عالمي ومفكر بارز.. هو جيفري ساكس – الأستاذ في جامعة كولومبيا الأمريكية – منطق ساكس.. أنه في عالم اليوم لا يمكن لدولة صغيرة أو كبيرة أن تنجح، ما لم تتعاون مع جيرانها. العرب أمام هذا التحدي. حان الوقت لوحدة عربية قائمة على أسس جديدة.

تأملت ما قاله المفكر الأمريكي. كثيرون يتحدثون عن عبدالناصر، ولا يتذكرون منه سوى الحراسات والتأميمات، وزوار الفجر والديكتاتورية، وهزيمة يونيو وحرب اليمن. بعضهم مُعجب بـ «كاريزميته»، لكن لا أحد تقريباً يتحدث عنه.. كصاحب الرؤية. لقد سعى بإيمان وإخلاص لتحقيق الوحدة العربية. إلا أن العرب خذلوه. لم يتقبلوا فكرته، واعتقدوا أنها تستهدف فقط أن يكون زعيماً عليهم. رؤية عبدالناصر للوحدة.. لم تتوقف فقط على العرب. 

لقد ساهم بقوة في إنشاء منظمة الوحدة الأفريقية. كان يؤمن أن الوحدة أقوى سلاح.. لمواجهة التهديدات والتحديات. أرسل الوزير محمد فايق إلى أفريقيا.. لتأسيس علاقات مع الحكومات الجديدة، وحركات التحرر في الدول التي لم تستقل بعد. لنتصور لوهلة لو أن جهود عبدالناصر لتحقيق الوحدة العربية أو التكامل الأفريقي نجحت.

أعتقد أن مكانة وقدرات العرب والأفارقة.. كانت ستختلف تماماً عما هي عليه الآن. أمريكا أدركت أن تحقيق رؤية ناصر، سيهدد مكانتها بالمنطقة. سعت بكل ما تملك لإفشال جهوده. واشنطن أسهمت في زرع إسرائيل، وتقويتها.. لتكون ذراعها التي تنوب عنها في الشرق الأوسط. 

وفي نفس الوقت، تقول للدول العربية.. أنا سأحميكم من إسرائيل. عندما رفع نتنياهو خريطة الشرق الأوسط الذي يتصوره.. في الجمعية العامة للأمم المتحدة، اقتطع أجزاء من دول عربية عديدة.. وضمها لإسرائيل.

هذه الدول سارعت بطلب توقيع اتفاقيات دفاع مشترك مع أمريكا. أي أن واشنطن هي المستفيدة من خريطة نتنياهو. لو تبنَّى العرب نهج عبدالناصر الوحدوي.. لم تكن تلك الخريطة لتظهر. العرب كرَّروا الخطأ مجدداً.. عندما سار السادات في طريق السلام، وعقد مؤتمراً دولياً في «مينا هاوس».. لم يحضره الفلسطينيون والعرب. 

أعرف أن التاريخ ليس فيه ماذا لو؟ لكن النظر للمستقبل، والتعلم من الماضي.. ضروري لتقدم الأمم. المنطقة العربية – بموقعها الجغرافي وإمكاناتها الهائلة – يمكن أن تستأنف طريق الوحدة، مع مراعاة التغيرات الشديدة.. التي طرأت على النظام العالمي. 

أهم قضية هي تحقيق انطلاقة عربية في التعليم. الصين وكوريا الجنوبية والهند اعتمدت في نهضتها على التعليم.. ثم التعليم ثم التعليم.

التركيز على التكامل الاقتصادي والتكنولوجي بين الدول العربية، وتسهيل حركة التجارة، وتنقل الأفراد.. أصبح ضرورة. 

يجب تذليل كل العقبات، لأن هذا هو الطريق الوحيد.. لكي يكون لنا تأثير ودور في عالم اليوم. «شفرة» عبدالناصر.. ظلت عصيَّة على العرب، إلى أن جاء جيفري ساكس.. وفك رموزها.

نقلاً عن «المصري اليوم«

شارك هذه المقالة