Times of Egypt

غزة ومستقبل نتنياهو!

M.Adam
عبدالقادر شهيب 

عبدالقادر شهيب


يروِّج المحللون بأن ترامب سوف يمارس ضغوطًا على نتانياهو – حينما يذهب إليه ويلتقيه
بالبيت الأبيض – لكي يقبل بتقديم تنازلات بخصوص وقف الحرب في غزة.
إنقاذ أهل غزة الآن، مرهون بإنقاذ نتنياهو من السجن.. ومن فعل ذلك الأمريكان.. فقد تبين أن
مطالبة ترامب الإسرائيليين بالعفو عن نتنياهو، ووقف محاكمته في قضايا فساد، ليس مجرد
تعاطف شخصي من سيد البيت الأبيض.. مع رئيس الحكومة الإسرائيلية؛ الذي أطاعه تمامًا في
الحرب على إيران، ووقف هذه الحرب أيضًا.
ويتكوف – مبعوث ترامب – وهو يسعى لإقناع نتانياهو بصفقة جديدة للهدنة في غزة، عرض
عليه – في المقابل – المساعدة في العفو عنه ووقف محاكمته! وبذلك صار إنقاذ أهل غزة من
المقتلة المنصوبة لهم، والمجاعة المفروضة عليهم.. مرهونًا بإنقاذ نتنياهو من السجن الذي
ينتظره، إذا تمت إدانته – كما هو متوقع – في اتهامات الفساد الموجهة له!
غير أن المشكلة التي تواجه البيت الأبيض.. في إنجاز هذه المراهنة، هي أن المعارضة في
إسرائيل تشترط – للعفو عن نتنياهو والتوقف عن محاكمته – أن يتم إبعاده عن الساحة السياسية
الإسرائيلية.. لنحو سبع سنوات، وهذا يعني إنهاء المستقبل السياسي له، وهو ما لا يُرضي
نتانياهو.. الذي مكث في الحكم أطول من أي رئيس وزراء إسرائيلي بمن فيهم مؤسس إسرائيل
ذاته!
ومع ذلك، فإن الإدارة الأمريكية تحاول – مع القوى الإسرائيلية المختلفة – لتقديم هذه الهدية
الكبيرة لنتنياهو، حتى يوافق على صفقة جديدة مع حماس.. بشر بها ترامب – بالفعل – مبكرًا، يتم
بها الإفراج عن نصف المحتجزين الإسرائيليين الأحياء في غزة، مقابل وقف لإطلاق النار لنحو
الشهرين، وتؤدي لدخول المساعدات لأهالي غزة.
وإذا كان نتنياهو قد وافق على عرض ويتكوف من قبل، بدون الحصول على هدايا أمريكية..
تتعلق بمستقبله، وتحفظت حماس على بعض البنود فيها، فإن تقديم هدية الآن لنتنياهو – تتعلق
بمصيره ومستقبله – لابد أن يكون مقترنًا بتقديمه بعض التنازلات؛ خاصة أن حماس تريد

الحصول على ضمانات أمريكية.. تقضي بأن يفضي الوقف المؤقت لإطلاق النار.. لوقف
مستدام.
ويروج المحللون بأن ترامب سوف يمارس ضغوطًا على نتنياهو – حينما يذهب إليه ويلتقيه
بالبيت الأبيض – لكي يقبل بتقديم تنازلات بخصوص وقف الحرب في غزة، ويبررون ذلك بأن
ترامب يريد تبريد المنطقة الساخنة، ليتفرغ لعلاج المشاكل الداخلية.. الناجمة عن السياسات
الاقتصادية التي ينتهجها، فضلًا عن أنه يتطلع للفوز بجائزة نوبل للسلام.
لكن ترامب – في الحقيقة – ليس بحاجة لممارسة ضغوط على نتنياهو، أو إغرائه.. بإنقاذه من
السجن، وإنما هو في مقدوره أن يأمره، وهو سوف ينفذ – كما فعل حينما أمره لإعادة طائراته..
وهي في الجو تبغي ضرب مواقع إيرانية، تنفيذا لوقف إطلاق النار الذي بادر بإعلانه شخصيًا
بين إسرائيل وإيران – وقد نفذ نتنياهو الأوامر على الفور، وتم تنفيذ وقف إطلاق النار!
لذلك، ترامب ليس بحاجة للقاء نتنياهو.. لإقناعه بوقف الحرب ضد أهل غزة، مثلما هو يمكنه
إقناع الإسرائيليين بقبول العفو عن نتنياهو، ووقف محاكمته في قضايا الفساد، التي سوف يضاف
إليها قضايا توريط إسرائيل.. في حرب مع إيران، وتهديد حياة المحتجزين في غزة. وهذا يعني
أن الرئيس الأمريكي يقدم هدية كبيرة لنتنياهو بلا مقابل، وبمبادرة شخصية منه.
أما ربط ذلك بموافقته على صفقة الهدنة مع حماس، فهو لإقناع الإسرائيليين بالعفو عنه.. ويعزز
ذلك أن نتنياهو وافق – من قبل – على الوقف المؤقت لإطلاق النار.. الذي يمتد لعامين، كما أن
قوات الاحتلال أعلنت أنها استنفدت أهدافها في قطاع غزة، أي أنها دمرته بالكامل، ولم يعد فيه
ما تدمره الآن!
لذلك لا يصح رهن حياة مليوني فلسطيني – يعيشون مقتلة جماعية ومجاعة شرسة – بمستقبل
مجرم حرب، قتل نحو ستين ألفًا من أهل غزة، في أقل من عامين.
نقلاً عن «أخبار اليوم»

شارك هذه المقالة