مع استمرار تدفق مئات اللاجئين السوريين إلى بلادهم بعد سنوات من اللجوء في الخارج، دعت المنظمة الدولية للهجرة، التابعة للأمم المتحدة، إلى التريث وعدم التسرع في العودة الجماعية. فقد أعربت إيمي بوب، مديرة المنظمة، عن قلقها من أن العودة السريعة قد تؤدي إلى ضغوط إضافية على سوريا، الأمر الذي قد يؤثر سلبًا على استقرار البلاد وعملية السلام التي لا تزال هشة. في تصريحات لها من جنيف، أكدت بوب أن “البلدات السورية ليست مستعدة بعد لاستقبال النازحين على نطاق واسع”.
وفي هذا السياق، أكدت المنظمة أن عودة هؤلاء اللاجئين قد تساهم في تعقيد الوضع في بعض المناطق، مما قد يؤدي إلى صراعات جديدة بين العائدين وسكان المناطق الأصليين. كما حثت المنظمة الحكومات الأوروبية على إبطاء خطط إعادة السوريين إلى بلدهم، وأعربت عن اهتمامها بتقييم تأثير العقوبات الدولية المفروضة على سوريا والتي قد تؤثر على جهود إعادة الإعمار.
وبالإضافة إلى ذلك، شددت إيمي بوب على أهمية دور النساء السوريات في المرحلة المقبلة من إعادة بناء بلدهن. ودعت إلى تعزيز تمكين المرأة في المجتمع السوري، حيث ستكون لها دور رئيسي وأساسي في عمليات إعادة البناء والتنمية المستقبلية.
فيما يتعلق بالجانب الحقوقي، أعلنت المفوضية السامية لحقوق الإنسان عن إرسال فريق صغير من موظفيها إلى سوريا في الأسبوع المقبل لمتابعة الوضع عن كثب وتقديم تقرير حول حقوق اللاجئين والنازحين في البلاد. يأتي ذلك بعد أن عاد ملف اللاجئين إلى الواجهة بشكل أكبر مع تطورات الوضع السياسي في سوريا، خصوصًا بعد سقوط نظام بشار الأسد في وقت سابق من الشهر الحالي.
وقد أكدت ريما جاموس إمسيس، مديرة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أن نحو مليون لاجئ سوري من المتوقع أن يعودوا إلى سوريا في النصف الأول من عام 2025. ورغم هذا التفاؤل، حذرت من العودة القسرية، مشددة على أن العودة يجب أن تكون طوعية ومبنية على شروط توفر الأمان والقدرة على إعادة بناء حياة جديدة.
المشاهد السياسية والإنسانية المتشابكة
يرى العديد من المراقبين أن ملف اللاجئين السوريين يحتاج إلى تعاون دولي واسع، يتضمن جهودًا إنسانية واقتصادية وسياسية، للتوصل إلى حلول دائمة لهذا الملف المعقد. وفي ظل غياب خطة سياسية واضحة ومستدامة للسلام وإعادة الإعمار في سوريا، تظل العودة إلى سوريا محفوفة بالمخاطر.
وبحسب أرقام المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، هناك حوالي 6.2 مليون لاجئ سوري خارج بلادهم، أي ما يعادل ثلث سكان سوريا، يتوزعون بشكل رئيسي في الدول المجاورة: 3 ملايين في تركيا، وحوالي 775 ألفًا في لبنان، وأكثر من 600 ألف في الأردن، بينما يوجد حوالي 300 ألف في العراق وأكثر من 150 ألفًا في مصر.
وفي تقرير جديد، أفادت الأمم المتحدة بأن نحو 100 ألف سوري قد عادوا إلى بلادهم منذ سقوط نظام بشار الأسد، ولكن لم يتضح بعد ما إذا كانوا سيبقون لفترة طويلة. في الوقت نفسه، أشارت إيمي بوب إلى أن هناك نحو 150 ألف نازح داخلي قد عادوا إلى قراهم أو مدنهم الأصلية. ورغم عودة هؤلاء، فإن الوضع لا يزال متغيرًا، حيث يقرر بعض العائدين مغادرة البلاد مرة أخرى بعد إعادة تقييم أوضاعهم.
وأوضحت بوب أن الأمم المتحدة تتوقع تدفقًا أكبر للاجئين السوريين الذين سيعودون إلى بلادهم، إذ أن حوالي 7 ملايين سوري غادروا البلاد خلال السنوات الـ14 الماضية، مما يجعل ملف العودة الجماعية تحديًا كبيرًا يستدعي التحضير المسبق.