Times of Egypt

عشرات الآلاف يحتفلون في شوارع سوريا بمرور عام على إطاحة الأسد

M.Adam
عشرات الآلاف يحتفلون في شوارع سوريا بمرور عام على إطاحة الأسد

تدفّق عشرات الآلاف من السوريين الاثنين إلى الساحات العامة في المدن الكبرى احتفالا بمرور عام على إطاحة حكم بشار الأسد، بينما حضّ الرئيس أحمد الشرع مواطنيه على توحيد جهودهم من أجل بناء “سوريا قوية” وترسيخ استقرارها.

في الثامن من ديسمبر، وصلت فصائل إسلامية بقيادة الشرع إلى دمشق، بعد هجوم مباغت انطلق من معقلها آنذاك في شمال غرب البلاد، ونجحت خلال أيام في إطاحة الأسد الذي حكمت عائلته البلاد بقبضة من حديد لأكثر من خمسة عقود.

منذ ساعات الصباح الباكر، احتشد آلاف السوريين، رافعين علم بلدهم الجديد في ساحة الأمويين في دمشق، على وقع الهتافات والأهازيج، وسط انتشار أمني كثيف، بينما عمّت الاحتفالات كبرى المدن السورية الأخرى لا سيّما حلب وحماه وإدلب وحمص.

وعلا فجرا التكبير من مآذن دمشق القديمة.

وبعيد أدائه صلاة الفجر في الجامع الأموي في دمشق، قال الشرع “المرحلة الراهنة تتطلب توحيد جهود أبناء الوطن كافة، لبناء سوريا قوية، وترسيخ استقرارها، وصون سيادتها، وتحقيق مستقبل يليق بتضحيات شعبها”.

وشدد الشرع الذي ظهر ببزة عسكرية خضراء ارتداها عند وصوله دمشق قبل عام، على أن “صون هذا النصر والبناء عليه يشكل اليوم الواجب الأكبر الملقى على عاتق السوريين جميعا”.

وقال جراح العيون إياد برغل لفرانس برس (44 سنة) بينما كان يصور بهاتفه شبانا يرفعون العلم السوري قرب المصرف المركزي “ما جرى خلال سنة يشبه المعجزة” معددا رفع العقوبات التي أرهقت سوريا خلال سنوات الحرب والاستقبال الحافل الذي حظي به الشرع من قبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب الشهر الماضي.

وسأل “من كان ليتخيل ذلك كله قبل عام؟”.

لكنه على غرار سوريين كثر، ينتظر اليوم من السلطات الانتقالية توفير “الكهرباء وخفض الأسعار وزيادة الرواتب، ويبقى الاهم بالنسبة الي (ترسيخ) السلم الأهلي” الذي عكّرته خلال الأشهر الماضية أعمال عنف على خلفية طائفية وانتهاكات من

وتحيي السلطات الانتقالية ذكرى وصولها الى دمشق بسلسلة احتفالات، بينها عرض عسكري جاب شوارع رئيسية، حضره الشرع مع عدد من وزرائه، وسارت فيه افواج عسكريين مدججين بجعبهم وأسلحتهم. وتقدّم آخرون على متن آليات ودراجات نارية، وفق مصور فرانس برس.

وعمّت الاحتفالات والعروض العسكرية مدنا رئيسية أخرى في البلاد، لا سيما حلب (شمال) وحمص وحماة وإدلب، بحسب الإعلام الرسمي.

وكتب وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة عبر منصة إكس “بعد عامٍ كامل نقف اليوم في دمشق بكل عزةٍ وشموخ، نحيي أبطال الجيش العربي السوري، وعجلة البناء تدور في كل ربوع الوطن، وتنهض مؤسساتنا الوطنية بعزمٍ لا يلين”.

ويوجّه الشرع لاحقا كلمة الى السوريين.

– “انتقال هش” –

ونجح الشرع، بعدما تخلى عن ماضيه الجهادي، في كسر عزلة سوريا الدولية ورفع عقوبات اقتصادية خانقة عنها وشطب اسمه عن قوائم الارهاب الأميركية وفي مجلس الأمن. ووقعت بلاده مذكرات وعقود استثمار بمليارات الدولارات من أجل ترميم البنى التحتية المتردية بسبب الحرب، وإتاحة عودة الملايين من اللاجئين.

ورغم عودة أكثر من 1,2 مليون لاجئ سوري الى بلدهم، لا يزال نحو 4,5 مليون آخرين في الدول المجاورة، وفق الأمم المتحدة.

وأمل غيث طربين (50 عاما)، وهو عامل في المجال الانساني في دمشق، لفرانس برس، أن “تصب اهتمامها على المسائل الداخلية.. وأن تعطي أولوية لموضوع السلم الأهلي”.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في بيان ليل الأحد إن “ما ينتظر سوريا يتجاوز بكثير مجرد انتقال سياسي، فهو فرصة لإعادة بناء المجتمعات المدمرة، ومداواة الانقسامات العميقة، ولبناء وطن يستطيع فيه كل سوري، بصرف النظر عن العرق، أو الدين، أو الجنس، أو الانتماء السياسي- أن يعيش بأمن ومساواة وكرامة”.

وشددت منظمة العفو الدولية في بيان الإثنين على “الضرورة الملحة” لأن تلتزم السلطات “تحقيق العدالة والحقيقة… مع ضمان حقوق الإنسان للجميع”.

واعتبرت أن “ردّ الحكومة الجديدة على الانتهاكات الجسيمة التي ارتُكبت منذ توليها السلطة، بما في ذلك عمليات القتل الطائفية في مناطق الساحل وجنوب سوريا، سيعتبر اختبارا حقيقيا لالتزامها بملاحقة العدالة والمساءلة”.

وعمّقت أعمال عنف تورطت فيها قوات الجيش والأمن الجديدة، وأودت بحياة أكثر من 1700 علوي في الساحل في آذار/مارس، وأكثر من ألفي شخص بينهم 789 مدنيا درزيا في محافظة السويداء في تموز/يوليو، الانقسامات والمخاوف في المجتمع السوري، الذي أنهكته سنوات الحرب الطويلة موقعة أكثر من نصف مليون قتيل.

واعتبرت منظمة هيومن رايتس ووتش من جهتها الاثنين أن السلطات اتخذت “خطوات إيجابية باتجاه العدالة والشفافية والحقوق، لكنها أخفقت في منع استمرار العنف والانتهاكات”.

– “حوار جامع” –

وتُعدّ العدالة الانتقالية أحد أثقل ملفات مرحلة ما بعد الأسد، مع بقاء مصير عشرات آلاف المفقودين مجهولا. وتتصاعد انتقادات لإدارة الشرع بسبب التفلت الأمني وتنامي نفوذ فصائل مسلحة منضوية تحت سلطته، إلى جانب اتهامات بتهميش مكوّنات عرقية ودينية.

ورغم اتخاذه خطوات عدة لترسيخ حكمه، يواجه الشرع تحديا رئيسيا في الحفاظ على وحدة سوريا، مع ارتفاع أصوات في الجنوب وأخرى في الساحل الذي شهد مؤخرا تظاهرات غير مسبوقة احتجاجا على الوضع الامني والمعيشي، تطالب بالانفصال أو بحماية دولية، وإصرار الأكراد على حكم لا مركزي.

ومنعت الإدارة الذاتية الكردية إقامة أي تجمعات في مناطق سيطرتها في شمال شرق البلاد، في وقت طالب قائد قوات سوريا الديموقراطية مظلوم عبدي في منشور على إكس بـ “بناء سوريا ديموقراطية، لا مركزية”.

وبعيد دعوة رجل الدين العلوي البارز غزال غزال أبناء طائفته، التي ينتمي اليها الاسد، إلى “إضراب شامل”، أفاد مراسل لفرانس برس عن اغلاق تام للمحال التجارية في مدينة جبلة وريفها، على وقع انتشار أمني كثيف.

وتشكّل إسرائيل التي ترغب بدورها بتكريس منطقة خالية من السلاح تصل تخوم دمشق، وتتوغل قواتها بشكل يومي في عمق سوريا، تحدّيا آخر لسلطة الشرع.

وخاض الطرفان السوري والإسرائيلي جولات تفاوض مباشر على مستوى وزاري، لكن ذلك لم يوقف هجمات اسرائيل.

شارك هذه المقالة