Times of Egypt

عاجل إلى وزير التعليم العالي ورئيس جامعة حلوان 

M.Adam
عمار علي حسن

عمار علي حسن 

يتوالى التضامن على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك».. مع الدكتور عبد الناصر هلال – رئيس قسم اللغة العربية الأسبق، والأستاذ المتفرغ بكلية الآداب، جامعة حلوان – الذي قد تؤدي مشكلة إدارية.. إلى حرمانه من التدريس، وفُقدان طلابه أستاذاً مقتدراً، تخرجت على يده أجيال. 

ويملأ نفسي أمل عريض.. في أن الأستاذ الدكتور أيمن عاشور – وزير التعليم العالي والبحث العلمي – والأستاذ الدكتور سيد قنديل – رئيس جامعة حلوان – سيتدخلان مشكورين.. لإنهاء مشكلة أستاذ جامعي، عرفته من كتبه ودراساته النقدية وأشعاره، قبل مقابلته في دنيا الناس. 

فللدكتور عبد الناصر عشرات الكتب والدراسات.. المنشورة بدوريات مرموقة، وقام – على مدار مساره في التعليم – بتدريس النقد الأدبي القديم والحديث، والنقد الفني، والشعر العربي الحديث، والأدب الأندلسي، وتحليل النصوص وتذوقها، والأسلوبية، والعروض والقافية، ومهارات التواصل، وأدب الدول النامية، والنصين الشعري والنثري الحديثين، ونظرية الأدب، والأدب المقارن. كما أشرف على العديد من أطروحات الماجستير والدكتوراه، وحضر مؤتمرات علمية كثيرة.. داخل مصر وخارجها، ونظم صالوناً في بيته.. استضاف فيه الكثير من القامات الأدبية والعلمية في مصر والعالم العربي، وحصل على عدة جوائز منها: جائزة الدولة التشجيعية عن كتابه «لويس عوض»، وجائزة ساويرس في النقد الأدبي عن كتاب «الالتفات البصري.. من النص إلى الخطاب»، وجائزة أفضل كتاب نقدي في إحدى مسابقات مجلة الثقافة الجماهيرية.. عن كتاب «الانفصال والاتصال.. ثنائية المدينة والتأثر في شعر أمل دنقل»، وجائزة نادي الباحثة الأدبي عن كتاب «استطيقا التحول النصي وسلطة التأويل». 

والمشكلة باختصار، أن الدكتور عبد الناصر قد أُنهيت خدماته الجامعية.. بدعوى قصده الانقطاع عن العمل، لسفره – بقرار حمل رقم 2019، صدر بتاريخ 17/7/2023 – وهو في الستين من عمره، ليُزَجَّ به إلى الشارع، بلا دخل يضمن له ولأسرته الكريمة معيشة لائقة، بعد أن قضى عمره بين طلابه.. محاضراً ومشرفاً ومناقشاً لرسائل ماجستير ودكتوراه، ليس لأنه – لا قدر الله – قد اقترف جُرماً، أو ارتكب معصية، أو وقع فى خطأ أخلاقي وتربوي أو علمي جسيم، إنما لمسألة إدارية بحتة؛ تتعلق بسنوات قضاها في إحدى جامعات المملكة العربية السعودية.. مغترباً في سبيل تحسين دخله، وتمثيل مصر لدى إخوةٍ لنا، رأيت قدر احترامهم له، وتمسكهم به، واهتمامهم بدراساته ومساهمته النقدية والشعرية. 

المشكلة.. في إجراء قانوني؛ مفتوح على تأويلات، يمكن أخذها على الحسن والمفيد، لا سيما أن جامعة حلوان ستخسره أستاذاً نابهاً، حصَّل – على مدار عمره – معرفة معتبرة في تخصصه، ليس من المستساغ أن يُحرم منها أبناؤنا، في وقت نريد فيه لجامعاتنا رفعة وتقدماً، بأيدي مخلصين ذوي خبرة واقتدار. 

تقدم الدكتور عبد الناصر بتظلم إلى رئيس الجامعة.. الأستاذ الدكتور سيد قنديل، من قرار استبعاده، بتاريخ 26/7/2023، وبعرضه على المستشار القانوني للجامعة، أفاد في تأشيرته على التظلم بتاريخ 1/8/2023 بقوله: «سبق لي إبداء الرأي في هذا الموضوع، فأرجو إحالة التظلم إلى غيري.. ضماناً للحيدة». لكن لم يؤخذ بهذا، إنما أشر رئيس الجامعة على التظلم في يوم 11/8/2023 بالقول: «يُطبق رأي المستشار القانوني السابق في ذلك». 

يبدو الأمر محل تقدير، بل قد يكون خطأً.. حيال رجل التزم بكل ما يحافظ على وظيفته، والتمسك بأهدابها، دفعه إلى أن يقيم دعوى قضائية حملت الرقم 7975 بتاريخ 25/9/2023.. أمام محكمة القضاء الإداري، وبعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة والإيضاحات، وبعد المداولة، حكمت المحكمة 23/3/2024 بقبول الدعوى شكلاً وموضوعاً، بإلغاء قرار رئيس الجامعة، الذي أصدر بدوره القرار رقم 1744 بتاريخ 30/5/2024، بتنفيذ الحكم الصادر في الدعوى، فواصل الدكتور عبد الناصر عمله، ولا يزال على رأسه حتى تاريخه. 

لكن الجامعة لم تتوقف عند هذا الحد – وكان يمكنها أن تفعل – بل تقدمت بطعن حمل رقم 35160.. أمام المحكمة الإدارية العليا، طالبت فيه بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً برفض الدعوى، وإلزام المطعون ضده بالمصروفات.. بدرجتي التقاضي. ونظرت المحكمة الطعن في دائرتي الفحص والموضوع، وذهبت مذهب الجامعة.. اتكاءً على تقرير هيئة مفوضي الدولة، وتبنت تفسيراتها للمواد 90 و93 و117 من قانون تنظيم الجامعات، مُنزلة – في جلسة 22 فبراير 2025 – بالدكتور عبد الناصر، تهمة «الانقطاع» القصدي عن العمل، بل اعتبرته «استقالة ضمنية».. طبقاً للمادة 117 من القانون المشار إليه سلفاً، وذلك منذ تاريخ 1/9/2022. في حين أن الجامعة أبلغت صاحب الدعوى بهذا، في يوم 2/2/2023، ما يرفع الجهل عن المدة من 1/9/2022 حتى 2/2/2023. وكأن الشاكي يعلم مسبقاً بعدم الموافقة على الإجازة. 

بناءً على ما سبق، إذا نفذت الجامعة الحكم، فإنها تعلن اغتيال أستاذ.. من مؤسسي قسم اللغة العربية بها، وأحد أركان العلم فيها، ممن يصبغون على كلية الآداب.. القيم الجامعية والبحثية والتعليمية؛ حيث كان رائداً للنشاط الثقافي للكلية لستة أعوام، ورئيس لجنة التحكيم للأنشطة الطلابية بإدارة الجامعة.. على مدار ربع قرن، وهي مسألة يمكن التأكد منها.. حال مراجعة سجله الجامعي، والوقوف على الدور الفعال المثمر المشرف، الذي التزم به طيلة سنوات عمله.  

إن الأصل في القرار الإداري.. نفاذه، وسريان حكمه.. إلى أن تُبطله الإدارة – أو تتراجع عنه – خصوصاً إذا ترتب عليه نتائج لا يمكن تداركها. ونظراً لوجود مَضَرَّة كبرى، وأذى أليم.. قد ينشأ عن تنفيذ الحكم، أجاز المشرع لمن كسب الحكم، أن يوقف تنفيذه.. حال كان القرار مؤثراً بالسلب على وضع قانوني قائم. 

هنا، أتوجه لمعالي وزير التعليم العالي والبحث العلمي قائلاً: إنه يمكن أن يطلب إعادة الأمور إلى ما كانت عليه.. قبل صدور القرار، خاصة إذا كان القرار قد أثر على حقوق الفرد، وألحق به ضرراً جسيماً، يصعب تداركه، وهي مسألة وضعها المشرع فى اعتباره. وأتوجه أيضاً إلى رئيس جامعة حلوان قائلاً: أتمنى أن توقف الجامعة.. مواصلة الطعن على الحكم، رافعةً عن الدكتور عبد الناصر ما يلحق به من ضرر مالي.. يمتد إلى أسرته، ومعنوي ونفسي.. يمتد إليه هو وطلابه، الذين ينتظرون عطاءه في قابل السنين.  

إنها مناشدة.. ليس لي وحدي، بل لكثيرين من مثقفي مصر، الذين يعرفون قدر الدكتور عبد الناصر.. ناقداً ومحاضراً وشاعراً، وصاحب يد ممدودة دوماً.. إلى حياتنا الثقافية.. بكل ما يُفيد ويُثمر. 

نقلاً عن «المصري اليوم» 

شارك هذه المقالة