Times of Egypt

طاقة إيجابية هائلة.. من أطفال الصعيد

M.Adam
زياد بهاء الدين 

زياد بهاء الدين

مع يقيني التام بانشغالكم بالتصعيد الخطير في غزة والمنطقة، أو بتصريحات السيد رئيس مجلس الوزراء الأخيرة.. حول الوضع الاقتصادي، إلا أنني سوف أصطحبكم اليوم في جولة أكثر تفاؤلاً؛ جولة سريعة في الصعيد.. قمت بها قبل أيام، وتحديداً لقرية «الدوير» التي تنتمي إليها عائلتي، وقد كتبت عنها من قبل في مناسبات مختلفة. زيارتي هذه المرة.. كانت لحضور ملتقى الفنون السنوي للأطفال والشباب، الذي تنظمه «جمعية أصدقاء أحمد بهاء الدين».. في المركز الثقافي الذي يحمل اسمه. وتضمن المهرجان عروضاً لفرق الموسيقى والمسرح والتحطيب والحكي، بالإضافة إلى إنتاج الأطفال في المشغولات اليدوية، وإعادة تدوير المخلفات البسيطة، والابتكارات الفنية والإلكترونية. كذلك شاركت – هذا العام – فرقة الأطفال المسرحية من مركز «إسنا» بمحافظة الأقصر.

ليست بالطبع المرة الأولى التي أحضر فيها أنشطة المركز؛ التي يشارك فيها عادة أطفال وشباب مركز «صدفا» بجنوب أسيوط.. والقرى التابعة له، ومراكز وقرى قريبة شمالاً وجنوباً. ولكن هذه المرة توقفت عند عدة ملاحظات:

على رأسها، زيادة مشاركة الفتيات في كل الأنشطة بلا استثناء. حتى التحطيب (تصوروا!) شاركت فيه 6 فتيات صغيرات، حركن العصا الصعيدية برشاقة ولطف. والتحطيب فن شعبي.. راق للغاية، وقد بدأنا هذا النشاط في المركز بفضل الفنان «حسن الجريتلي».. الذي قاد حركة التوعية به والحفاظ عليه. كذلك جاء العرضان المسرحيان لفرقتي «الدوير» و«إسنا».. معبرين عن وضع الفتاة الصعيدية، والتحديات المعاصرة التي تواجهها (وهذا موضوع كبير).

أسعدني أيضاً، حضور أهالي الفتيات المشاركات في العروض المسرحية والغنائية، ولاحظت سعادتهم بشجاعة بناتهم، والثقة التي يقفن بها على المسرح. وهذه ملاحظة ترتبط بفكرة تراودني منذ فترة، عن استعداد المجتمع – مهما كان تقليدياً أو محافظاً – لقبول الأفكار الجديدة، حينما تكون نابعة منه، وبمشاركة شبابه وعائلاته، وليست مفروضة عليه أو وافدة بشكل مصطنع.

كذلك ينتابني دائماً.. الشعور بالفخر، حينما يقف الأولاد والبنات – مسلمين ومسيحيين – على خشبة مسرح أحمد بهاء الدين، ليعبروا تعبيراً تلقائياً بسيطاً وبريئاً.. عن استعدادهم وسعادتهم بالعمل المشترك، وبتجاوز القيود والحواجز.. التي تحاصرهم في باقي مناحي حياتهم اليومية.

أما السيد محافظ أسيوط.. اللواء هشام أبو النصر، فقد شرفنا بالحضور ومشاهدة العروض، وتفقد المركز والأنشطة. وكان لحضوره – واهتمامه بكل التفاصيل – وقع إيجابي كبير على الأهالي والعاملين والشباب والأطفال. وقد عبر عن إعجابه بنشاط المركز، ووعد بمتابعته ودعمه.. بما هو متاح من إمكانات المحافظة، فله كل الشكر والتقدير.

المشهد الأخير.. الذي أود نقله إليكم، هو حضور القضية الفلسطينية في كل فقرات المهرجان: البرنامج الموسيقي.. تضمن أغنية عن فلسطين، ومسرحية فرقة الدوير.. انتهت بتحية الصامدين، ورسومات الأطفال ومشغولاتهم اليدوية.. حضر فيها أطفال غزة. واللافت، أن هذه ليست تعبيرات سياسية، ولا بسبب تدخل المركز، بل مشاعر إنسانية تلقائية.. تعبر عن حضور غزة وأهلها.. في الصعيد، وفي وجدان الأطفال والكبار معاً. ولكن، لعل الأطفال والشباب لا يزالون يتمتعون بوضوح وبساطة الرؤية.. التي لم تتأثر بعد؛ بتردد واضطراب وحسابات من تقدم بهم العمر. 

هل بالغت في وصف الجوانب الإيجابية للزيارة، ومركز أحمد بهاء الدين وأطفال الصعيد؟ 

بالتأكيد، فهذا مقال عاطفي.. لا موضوعي، أردت به أن أنقل لكم الطاقة الإيجابية الهائلة.. التي يشعر بها من يتعامل مع أطفال وشباب مركز أحمد بهاء الدين، وكل الأنشطة المماثلة. 

أما مشاكل الصعيد وتحدياته، فلا تزال كثيرة وملحة، لكن دعونا نعود إليها لاحقاً.

نقلاً عن «المصري اليوم»

شارك هذه المقالة