عمرو الشوبكي
أعلنت إسرائيل نيتها ضم الضفة الغربية، ووضعها تحت السيادة الإسرائيلية. وهددت عدداً من الدول الأوروبية.. بأنها ستقدم على هذه الخطوة، في حال اعترفت هذه الدول بالدولة الفلسطينية، وتنوي إسرائيل أن تضم إما المنطقة (ج) كلها؛ أي ما يقارب 60% من أراضي الضفة، أو منطقة غور الأردن والمستوطنات الإسرائيلية التي تبلغ 30% من مساحة الضفة.
وسواء نجحت إسرائيل في تنفيذ هذا المخطط.. أو فشلت – وعلى الأرجح ستفشل – فإن دلالة هذا التوجه، تعني أن إسرائيل تسير عكس الطريق الذي يطرحه كثير من الدول الأوروبية – وعلى رأسها فرنسا – في مسألة الاعتراف بالدولة الفلسطينية. وبدلاً من مناقشة الموضوع، تتجه الحكومة العبرية نحو مزيد من التطرف؛ ليس فقط برفض هذا التوجه، إنما بجعله مستحيل التطبيق في أرض الواقع، وذلك بضم الضفة الغربية رسمياً لإسرائيل.. في إطار ما وصفه نتنياهو بـ «إسرائيل الكبرى».
مفارقة هذا الوضع، أنه – في الوقت الذي تؤكد فيه كل دول العالم (ما عدا أمريكا وإسرائيل) – على حل الدولتين، وتنوي فرنسا وبريطانيا الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ومعهما عشرات الدول الأوروبية وكندا.. هذا الشهر، فإن إسرائيل تعلن ضم الضفة الغربية واحتلالها الكامل لقطاع غزة، وحشر الفلسطينيين في جنوبه، في محاولة لتهجيرهم. وترفض حل الدولتين.
إن هذا الواقع المأساوي غير مسبوق.. في تاريخ الحروب المعاصرة، وحتى حروب الشرق الأوسط الأخيرة، لأن كل هذه الحروب حملت مسارات بديلة.. لما كان سائداً قبل الحرب، بصرف النظر عن قبولها أو رفضها، ونجاحها أو فشلها، أو تعديل جانب منها، أو الالتزام بها كلها، إلا في فلسطين.. التي أعلنت الحكومة الإسرائيلية أن الحل.. في ضم الضفة واحتلال غزة.
لقد ذهبت حكومة نتنياهو بالليكود المتطرف.. إلى مساحة أكثر تطرفاً؛ فلم تكتف برفض حل الدولتين، إنما أعلنت أنها ستعاقب من يتبنى هذا الحل، ويعترف بالدولة الفلسطينية، حتى لو كان قوة كبرى مثل فرنسا. وفي نفس الوقت، يتبارى نتنياهو – مع بن غفير وسموتريتش – في تبني مشروع «إسرائيل الكبرى».
يقيناً، خطوة الاعتراف بالدولة الفلسطينية.. من قوى كبرى مثل فرنسا وبريطانيا وغيرهما، ستراكم أوراق الضغط على دولة الاحتلال؛ لأن المعركة معها لن تكون بالضربة القاضية، إنما بالنقاط. ولكن – في نفس الوقت – يجب أن نعلم أن منظومة الحكم الحالية في إسرائيل.. المدعومة من قاعدة اجتماعية تمثل غالبية المجتمع، وصلت لدرجة من التطرف وكراهية الآخر.. غير مسبوقة، وباتت تمتلك مخططات لتدمير حل الدولتين؛ بضم الضفة الغربية، واحتلال غزة وتجويع أهلها.. حتى تسهل من عملية تهجيرهم.
إن التناقض بين تحركات المجتمع الدولي.. للاعتراف بالدولة الفلسطينية، وبين ما تفعله إسرائيل في الواقع.. سواء في الضفة الغربية أو غزة، هائل. والمطلوب استمرار الضغط على دولة الاحتلال، والسير قدماً في طريق الاعتراف الفعلي.. بالدولة الفلسطينية.
نقلاً عن «المصري اليوم»