يواجه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي يتعرّض لانتقادات من الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومن إيلون ماسك، ضغوطا الجمعة للتعاون “بسرعة كبيرة” مع الولايات المتحدة لإنهاء الحرب مع روسيا.
وقال مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض مايك والتز، “من الواضح أنّ الرئيس ترامب مستاء للغاية من الرئيس زيلينسكي، ومن حقيقة أنّه لم يأتِ إلى طاولة المفاوضات، ولم يكن على استعداد للاستفادة من الفرصة التي منحناه إياها”.
وأضاف “أظن أنّه سيأتي (إلى طاولة المفاوضات) في نهاية المطاف، وآمل أن يحدث ذلك سريعا جدا”.
والخميس، برّر وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أولى المحادثات الثنائية مع روسيا مطلع الأسبوع الحالي، مؤكدا أن هدف واشنطن الرئيسي هو التحقق من أن موسكو “جدية” بشأن إنهاء الحرب في أوكرانيا.
وقال في مقابلة صحافية نشرت عبر منصة اكس “لا يسعني حتى الآن الرد على السؤال لمعرفة إن كانوا جديين بشأن السلام”.
وأضاف بعد لقائه وفدا روسيا ضم نظيره سيرغي لافروف في السعودية في مطلع الأسبوع “الأمر الوحيد الذي اتفقنا عليه هو أننا نريد البحث في السلام”.
وتتناقض هذه التصريحات الحذرة مع موقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي قال “أرى أن الروس يريدون أن تنتهي الحرب”.
ورفض وزير الخارجية الأميركي فكرة أن واشنطن باشرت مباحثات مع روسيا من دون إشراك كييف وحلفائها الأوروبيين فيها.
وأوضح روبيو “من غير العدل القول إننا لم نستشر أحدا بهذا الشأن” مؤكدا أنه تحدث إلى الأوكرانيين “طوال العملية”.
وأضاف “من غير الصحيح كذلك أننا لم نستشر حلفاءنا في أوروبا” مؤكدا أنه أجرى محادثات مع “خمسة وراء خارجية” بعد لقائه مع الروس وقبله.
ورأى نائب الرئيس الأميركي جاي دي فانس من جهته الخميس أن أوروبا “على شك التوصل إلى السلام” مشيدا بجهود ترامب.
في الأثناء، اعتبرت الصين أنه “يتم فتح نافذة على السلام”، حسبما ما جاء على لسان وزير خارجيتها وانغ يي خلال اجتماع وزراء خارجية مجموعة العشرين في جوهانسبرغ الجمعة.
وأكد الوزير أنّ بكين تأمل في التوصل إلى “حل قابل للتطبيق ودائم ويعالج مخاوف” كل طرف.
وأثار التقارب بين موسكو وواشنطن مخاوف من احتمال حدوث قطيعة بين الولايات المتحدة وأوكرانيا التي تعتمد بشكل حاسم على المساعدة الأميركية لمواجهة الغزو الروسي.
وكان ترامب وزيلينسكي قد تبادلا هجمات شخصية غير مسبوقة بعد المحادثات الروسية الأميركية التي جرت في السعودية الثلاثاء، وهي الأولى على مستوى وزراء الخارجية منذ ثلاث سنوات.
- محادثات “مثمرة” –
وقال الملياردير إيلون ماسك عبر منصة إكس، إنّ زيلينسكي “محتقَر من جانب الشعب الأوكراني”. ويعد ماسك من الشخصيات الرئيسية المقرّبة من ترامب الذي وصف نظيره الأوكراني الأربعاء بأنه “دكتاتور”.
من جانبه، اتهم زيلينسكي ترامب بالعيش في “مساحة من التضليل” الروسي، ورفض اتفاقا مقترحا يهدف إلى ضمان حصول واشنطن على 50 في المئة من المعادن الاستراتيجية الأوكرانية في مقابل المساعدات الأميركية التي تمّ تقديمها.
واعتبر والتز أنّ “الإهانات” التي وجّهها الرئيس الأوكراني إلى نظيره الأميركي “غير مقبولة”.
ورغم ذلك، استقبل زيلينسكي الخميس في كييف المبعوث الأميركي كيث كيلوغ. وقال إنّهما أجريا محادثات “مثمرة” تتعلّق بـ”الوضع في ساحة المعركة، وكيفية إعادة أسرى الحرب وضمانات أمنية فعّالة”.
وأضاف أنّ “علاقات قوية بين أوكرانيا والولايات المتحدة تفيد العالم أجمع”.
ولكن خلافا للعادة بعد مثل هذه الزيارات، لم يُسفر اللقاء عن صدور أي بيان مشترك، كما لم يعقبه مؤتمر صحافي مشترك.
وقبل أيام قليلة من الذكرى الثالثة لبداية الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 شباط/فبراير 2022، ذكّر زيلينسكي أنّ أوكرانيا أرادت وضع حد لهذه الحرب “منذ اللحظات الأولى”، فيما اتهمه دونالد ترامب خطأ بأنّه هو الذي بدأ الحرب.
- رضا الكرملين –
لا يخفي الكرملين شعوره بالرضا جراء التحوّل الأميركي، وأعلن الخميس أنّه قرّر مع واشنطن استئناف الحوار “في كل المجالات”، مشيرا إلى أنّه “متفق تماما” مع الموقف الأميركي بشأن أوكرانيا.
ولكنه أشار إلى أنّه في الوقت الراهن، لا يوجد سوى “قليل من الأشياء الملموسة”، بسبب “خلافات بين واشنطن وكييف” خصوصا.
وفي مواجهة شراسة الانتقادات الصادرة عن البيت الأبيض، تلقّى زيلينسكي دعم الاتحاد الأوروبي والكثير من القادة الأوروبيين.
وفيما سيزور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون واشنطن الإثنين، أفاد عبر وسائل التواصل الاجتماعي بأنّه سيقول لترامب إنّه لا يمكنه أن “يكون ضعيفا” في مواجهة الرئيس الروسي.
وأكد الرئيس الفرنسي أنّه تحدث مع زيلينسكي لـ”الإعداد” لرحلته، وإطلاعه على اتصالاته مع الشركاء الأوروبيين “الراغبين في العمل من أجل تحقيق سلام دائم ومتين في أوكرانيا”.
كذلك، وصل رئيس الحكومة البريطانية كير ستارمر إلى واشنطن الخميس.
وفي ظل وقف إطلاق نار محتمل، تستعد باريس ولندن لإنشاء قوة أوروبية لضمان أمن أوكرانيا، وستكون مؤلّفة من “أقل من 30 ألف جندي”، وفق وسائل إعلام بريطانية.
من جانبه، أعلن رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز أنّه سيزور كييف الإثنين لـ”تجديد التأكيد على دعم إسبانيا للديموقراطية الأوكرانية”.
على الأرض، أسفرت ضربات روسية الخميس عن مقتل أربعة أشخاص على الأقل في كوستيانتينيفكا، وهي معقل مهم للجيش الأوكراني، حسبما أفاد حاكم منطقة دونيتسك الواقعة شرق أوكرانيا.