Times of Egypt

سوريا.. هل بدأ التقسيم؟!

M.Adam
عبدالله عبدالسلام 

عبدالله عبدالسلام

في شهر مارس الماضي، شن مقاتلون من جماعات متشددة متحالفة مع الجيش السوري.. سلسلة عمليات قتل جماعي في منطقة الساحل السوري – حيث يتمركز غالبية العلويين – مما أسفر عن مصرع المئات. كان الهدف مسلحين موالين لنظام بشار الأسد السابق، أو «فلول النظام البعثي».

يومها، تحدثت الحكومة السورية عن «عناصر منفلتة»، شنَّت هجماتها دون علم الحكومة، وقالت أنه سيتم محاسبتها. لم يحدث شيء.

ظل هؤلاء المنفلتون يعيثون في سوريا فساداً.. مدركين أن موعد حسابهم لن يأتي أبداً. قبل أيام، شنَّت نفس العناصر المنفلتة.. «غزوةً» جديدة على محافظة السويداء، جنوب غرب البلاد؛ حيث تتواجد غالبية درزية. كانت المذابح والجرائم أبشع: إعدام علني، إهانة شيوخ الدروز.. بحلق شواربهم، مع تصوير ذلك بالفيديو، ونشره على أكبر نطاق. … هذه الجماعات المتشددة تريد «تطهير» سوريا من كل من تعتبرهم خارجين عن الإسلام.. الذي تحدده هي. وكما في كل مرة، يتم إرسال الجيش السوري وقوات الأمن لاستعادة الهدوء، تحدث عمليات قتل جديدة.. بين المدنيين وقوات النظام؛ في وقتٍ تكون فيه «العناصر المنفلتة» قد تبخرت. «هكذا حال سوريا الجديدة؛ التي طردت نظام البعث الدموي، وتعيش تحت حكم نظام الظلام».. كما وصفه كاتب لبناني. هذه المرة، حدث متغير جديد، إسرائيل – التي اعتبرت سوريا، منذ استلام حكامها الجدد السلطة في 8 مارس الماضي – أرضاً مستباحة، قررت التدخل.

هاجمت قوات الجيش والداخلية.. التي توجهت للسويداء، ثم فجَّرت مبنى رئاسة الأركان السورية.. في دمشق، وقصفت أجزاءً من القصر الرئاسي. نتنياهو استغل الفرصة.. للتقرب من أقلية درزية في إسرائيل، ويريد أن يقدم نفسه.. حامياً للأقليات في سوريا، وربما المنطقة. تدخله أدى إلى استقواء عناصر درزية.. ضد النظام السوري؛ معلنةً عدم الاعتراف به. أحمد الشرع – الذي يقدم نفسه للعالم.. على أنه نموذج للقيادة في العصر الأمريكي الإسرائيلي – يجد نفسه في موقف لا يُحسد عليه.

تقارير كشفت أنه التقى – قبل أيام – بمسؤولين إسرائيليين.. للمضي قدماً في تطبيع العلاقات، ثم أتت «غزوة السويداء».. لتهدد قصره، وربما حياته نفسها. هل الشرع غير قادر على لجم الجماعات المتطرفة.. المتحالفة معه؟ أم أنه يعطيها حرية التصرف.. دون أن يتورط هو؟ في كل الحالات، ما يحدث في سوريا يشكل خطورةً.. ليس على نظامه فحسب، بل على سوريا كدولة وكيان. مؤامرات التقسيم.. ليست جديدة.

الحديث عن منطقة حكم ذاتي – مستقلة الصلاحيات – للعلويين على طول الساحل حتى الحدود اللبنانية، وأخرى للأكراد في الشمال، وثالثة للدروز، على أن تكون دمشق عاصمةً لحكم كونفيدرالي شكلي، يتردد منذ زمن.

لكن يبدو أن إسرائيل بدأت تعمل عليه.. مستغلةً خطايا المتشددين. الموقف الأمريكي – الذي وصف ما قامت به إسرائيل.. بأنه «سوء فهم» – لن يعارض كثيراً.. تحويل سوريا – في النهاية – إلى دولة كونفيدرالية؛ تضم «كانتونات».. لا تخضع كثيراً للمركز؛ أي دمشق. واشنطن حالياً حريصة على الشرع ونظامه، لكنها – مع استمرار الانتهاكات – ستغير وجهة نظرها.. بضغط إسرائيلي وأمريكي داخلي.

إلى أين يقود الشرع سوريا؟ … طالما ظل يعتمد على «العناصر المنفلتة»، فإن المستقبل كئيب وخطير للغاية.

نقلاً عن «المصري اليوم»

شارك هذه المقالة